وسمعته غيرَ مرَّة إذا أنشد بيتًا، يفسده ويغيِّره حتى يُذْهِبَ الوَزْن. وكان يضرب المثل بعقله ورأيه.
وسُئل عمّن يدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة، فقال: يُعيد الركعة، وكان يرى أن الرجل إذا أتى والإمام راكع أنه لا يعتدّ بتلك الركعة، وروي ذلك عن أبي هريرة، وجماعة من التابعين، وصنّف فيه مصنّفا.
وسمعته وهو يخاطب فقيهًا فقال: حدّثونا عن سليمان بن حرب، فقال ذلك الفقيه: دَعْنا من حدثنا، إلى متى حدثنا وأخبرنا؟ فقال: يا هذا، لستُ أشمُّ من كلامك رائحة الإيمان، ولا يحَلُّ لك أن تدخل هذه الدار، ثم هَجَره حتى مات.
وقال الحاكم -أيضًا-: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه الإِمام المقدم الحجة لفظًا من أصل كتابه عودًا على بدء (١). وقال في "المعرفة": سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه -وهو يناظر رجلًا- فقال الشيخ: حدثنا فلان، فقال له الرجل: دَعْنَا من حدثنا، إلى متى حدثنا؟! فقال له الشيخ: قم يا كافر، ولا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا، ثم
(١) قال في "لسان العرب" (٣/ ٣١٥ - ٣١٦): "رجعت عودي على بدئي، أي: رجعت كما جئت ... ، وحكى بعضهم: "رجع عودًا على بدء" من غير إضافة ... " وذكر الشيخ حماد الأنصاري -رحمه الله تعالي-؛ كما نقل ذلك عنه الدكتور نايف الذُعَيْس -حفظه الله- أن الفائدة من هذه العبارة هي بيان أن القراءة في المرة الثانيهَ إنما كانت من أصل كتاب الشيخ، ولذلك لم يقل "حدثنا" من كتابه مرة ثانية إذ لا تفيد ذلك. قال الدكتور: وما ذكره الشيخ حماد أفاده قوله: "من أصل كتابه" فجاءت الجملة الثانية لتأكيد الأولى، والله أعلم. اهـ من حاشية "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (٢٤٠) برقم: ٣.