للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذهبي: يعني أن المشايخ المتأخرين لا يبلغون في الإتقان رتبة الصحة، فيقع في الكذب الحافظ إن خرَّج عنهم وسماه صحيحًا، أو يروي الحديث بنزول درجةٍ أو درجتين. وفي "تاريخ دمشق" - أيضًا - أن بعض الأصبهانيين كان يحكي عن بعض شيوخه أن أبا عبد الله بن مندة كان إذا سئل عن شيء هل سمعته من شيخك فلان؟ فيقول: لا، فيقال له: كيف فاتك هذا؟ فيقول: ما فاتنا بالبصرة أكثر، أو كما قال، وكان لم يدخل البصرة في طلب الحديث. قال الذهبي: قلت: ما دخل البصرة فإنه ارتحل إليها إلى مسندها علي بن إسحاق المادرائي، فبلغه موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع، والنواحي التي لم يرحل إليها أبو عبد الله: هراة، وسجستان، وكرمان، وجرجان، والري، وقزوين، واليمن، وغير ذلك، ورحل إلى خراسان، وما وراء النهر، والعراق، والحجاز، ومصر، والشام، بقي في الرحلة بضعًا وثلاثين سنة، وأقام زمانًا بما وراء النهر، وكان ربما عمل في التجارة، ثم رجع إلى بلده، وقد صار في عَشْر السبعين، فولد له أربعة بنين، قال الحافظ يحيى بن عبد الوهاب في "تاريخ أصبهان": كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور، فلما وصلنا بئر مجنة، قال عمي: كنت هاهنا غير مرة، فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلًا من خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلى هاهنا إذا نحن بأربعين وِقرًا من الأحمال، فظننا أنها منسوج من الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الحاكم في "تاريخه": سمع بأصبهان، ونيسابور، ومرو، وبخارى، وكان عندنا سنة تسع وثلاثين، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>