خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع - أيضًا - قوله فيك، فلقد رأيت لابن مندة حطًّا مقذعًا على أبي نعيم وتبديعًا، وما لا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم في نقله بحمد الله. وقال في "التاريخ": قلت: إي والله نسأل الله الستر وترك الهوى والعصبية، وسيأتي في ترجمته شيء من تضعيفه، فليس ذلك موجبًا لضعفه، ولا قوله موجبًا لضعف ابن مندة، ولو سمعنا كلام الأقران بعضهم في بعض لاتسع الخرق. قال الصَّفَدي في "الوافي" معلقًا على كلام شيخه الذهبي: قلت: هو الإنصاف، فقد سمعت أنا وغير واحدٍ غير مرة من الشيخ أثير الدين الطعن البالغ، والإزراء التام، على الشيخ تقي الدين ابن دقيق، وهو شيء خلاف الإجماع لصورة كانت بينهما. وروى يحيى بن مندة في "تاريخه" عن محمَّد بن عبيد الله الطبراني أنه قال: قمت يومًا في مجلس أبي عبد الله بن مندة - رحمه الله - فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشئوم -أعني أبا نعيم الأشعري- فقال: أخرجوهم، فأخرجنا من المجلس فلانًا وفلانًا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروي عنا، فإن فعل فليس هو منا في حل. قال الذهبي: قلت ربما آل الأمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة، فيقع في الهجران المحرم، وربما أفضى إلى التكفير والسعي في الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ بحيث أن أحمد اختفى.
وقال شرف الدين المقدسي في "الأربعين": نبيهٌ، ثبتٌ، جليل في الجمع بين الرواية والدراية، وسعة الرحلة، وكثرة المشايخ والسماعات،