للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامتنع أهل مراكش من مبايعته وبايعوا أخاه أبا فارس الوالي عليهم من قبل أبيه، فقامت سلسلة حروب بين الأخوين ودخل فيها أيضا أخوهم المأمون، وانتهت الصراعات بقتل أبي فارس، ثم قتل المأمون واستقل زيدان بالأمر بمراكش حتى مات سنة ١٠٣٧ هـ، وتوالى الحكم في ذريته بمقتل الواحد تلو الآخر حتى انقرض أمر السعديين سنة ١٠٦٩ هـ، واستبد عرب الشبانات بالأمر في مراكش، وحدث أثناء تلك الفترة استعانة المأمون بالأسبان على أخويه مقابل استيلائهم على العرائش (١) مما أدى إلى تمادي أسبانيا في الاعتداءات على الثغور، كما تشجع البرتغال في الظهور على الساحة مرة أخرى بسبب هذه الاضطرابات، هذا بالإضافة إلى ظهور انقسامات داخلية منها ظهور (الدلائيين) على المسرح السياسي بعد أن كانوا بالزاوية الدلائية كمركز ديني للعبادة والتفقه، وكذا ظهور حركة أبي العباس أحمد بن عبد الله السلجماسي الصوفي الذي استولى على درعة، وقصد مراكش ففتحها وطرد زيدان لكنه قتل وانتهت حركته سنة ١٠٢٢ هـ، وظهر أيضا في تلك الآونة شخصية الفقيه العالم محمد بن أبي العباس أحمد الزياني الشهير بالعياشي الذي قاد الجهاد ضد الاستعمار البرتغالي وعينه السعديون على عمالة أزمور سنة ١٠٢٠ هـ، واستعمل البرتغال الوشاية للإيقاع بين العباسي والسلطان زيدان فأرسل سرية إلى مزمور للقبض عليه وقتله لكنه نجح في الهروب إلى مسقط رأسه سلا واستمر في الجهاد ضد البرتغال والأسبان حتى وافته المنية سنة ١٠٥١ هـ رغم الوشايات التي كثرت حوله لايقاع السلطان به، وذلك بقتله غيلة من أتباع الدلائيين الذين فسدت العلاقة بينه وبينهم ووصلت إلى القتال، وبقتله خلا الجو للدلائيين فاستولوا على فاس وسلا وتطوان (٢).

وكان من مزايا عصر السعديين الاعتناء بتفسير القرآن، وتعدد المفسرين ومن بينهم الحاج محمد الشنقيطي (ت ٩٦٣ هـ) صاحب اللباب في حل مشكلات الكتاب، وعبد الرحمن بن يوسف القصري العارف (ت ١٠٣٦ هـ) وله حاشية


(١) الاستقصاء ٦/ ٢٠، ٢١.
(٢) انظر: الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، محمد العياشي وجهاده ضد الأسبان والبرتغال.

<<  <  ج: ص:  >  >>