للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان العثماني من دس فرقة من الجنود الأتراك إلى جيش أبي عبد الله، فاستطاعوا قتله وحمل رأسه إليه سنة ٩٦٤ هـ (١).

ثم بويع لابنه محمد عبد الله الغالب بالله الذي انتصر على جيش الأتراك في محاولة للقرب من فاس، ولما توفي الغالب بالله بويع لابنه أبي عبد الله المتوكل على الله إلا أن عمه أبا مروان عبد الملك المعتصم بالله استطاع انتزاع الملك منه بمعاونة الأتراك ودخل فاسا سنة٩٨٣ هـ بمعاونة الجيش التركي، ثم دخل مراكش بعدها، إلا أن عبد الله المتوكل حاول العودة إلى مراكش فلم يتمكن، ففر إلى طنجة واستنجد بالأسبان فلم ينجدوه فاستنجد بالبرتغال، فكانت موقعة وادي المخازن بين البرتغال والمسلمين المغاربة سنة ٩٨٦ هـ انتهت بنصر حاسم للمسلمين وقتل قائد البرتغال والخائن المتوكل، وتوفي أبو مروان (٢)، فبويع لخليفته أبي العباس أحمد المنصور الذي قام بتحسين العلاقات مع السلطان العثماني بعد أن حاول الوشاة إفسادها حتى اطمئن تماما من جانبهم وشرع في غزو السودان، فاستولى عليها استيلاء كليا وأصبح التبر يحمل إليه بما يحير الناظرين ولهذا لقب بالذهبي.

واتسم عهده بإصلاحات عظيمة فنظم الجيش وأرسى النظم الإدارية، وقام بإنشاءات معمارية عظيمة منها قصر البديع بمراكش وساد العدل في وقته حتى ذكر القشتالي أنه لم ير من ملوك العصر أعدل منه، وما في الأرض مملكة تسير على قوانين الشرع ومنهاج السنة أحسن من مملكته، وعرف المنصور بتشجيعه للفقهاء والعلماء وكان يجمعهم للمذاكرة بمراكش وفاس، فكان الحديث يدور حول أمهات الكتب في التفسير والفقه وعلم المنطق وغير ذلك من العلوم، فقد كان هو نفسه على علم وله منظومات وأسفار رائعة (٣).

ولما وافت المنية المنصور سنة ١٠١٢ هـ بايع أهل فاس ولده زيدان،


(١) انظر: الاستقصاء ٥/ ٣٢، ١١٥، نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي (بدون أرقام).
(٢) انظر: موقعة وادي المخازن الحاسمة ص: ٢٢٢، الاستقصا ٥/ ٨٦.
(٣) انظر: مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا ص: ٦٩ - ٣٠١، الاستقصا ٥/ ٩٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>