للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما مات أبو عبدالله الذي خاض معارك كثيرة مع البرتغال خلفه أخوه أبو حسونة سنة ٩٣١ هـ الذي حدث في عهده نزاعات مع السعديين، وبسبب هذه الاضطرابات والنزاعات بالإضافة إلى الأطماع الأجنبية خلت تلك الحقبة من الآثار العمرانية وغيرها بل تعرضت البلاد للتخريب، وكان قيام الدولة السعدية على يد أبي عبد الله القائم بأمر الله سنة ٩١٦ هـ سببا في تخليص المغرب من الأخطار التي واجهته بسبب الأطماع الأوربية من جهة، ومن أطماع الأتراك العثمانيين الذين استولوا على الجزائر وتونس من ناحية أخرى (١).

وقد بدأ نفوذ السعديين في بلاد درعه والسوس الأقصى، وكان ظهورهم في وقت ضعفت فيه الدولة الوطاسية عن حماية الثغور العرضة لأطماع البرتغاليين والأسبان فالتف الناس حول أبي عبد الله محمد السعدي وبايعوه بالإمارة سنة ٩١٥ هـ، واستعد لمقابلة البرتغال فأدركته الوفاة سنة ٩٢٣ هـ، وتولى ابنه أبو العباس أحمد الأعرج الذي أحرز انتصارات عظيمة على المستعمرين وبايعه أهل مراكش فحاربه الوطاسيون خشية على فاس ودارت بينهما معارك متعددة.

وكان أبو عبد الله محمد الشيخ شقيق أبي العباس الأعرج واليا من قبل أخيه على السوس حتى دخل الوشاة بينهما فتقاتلا وانفرد أبو عبد الله بالحكم، وأودع أخاه وأولاده السجن سنة ٩٤٦ هـ (٢).

واستطاع أبو عبد الله محمد مواصلة الجهاد ضد البرتغال حتى اطمأن من ناحيتهم وتوجه إلى فاس، فدخلها وقبض على الوطاسيين وأرسلهم إلى مراكش وفر أبو حسونة إلى الجزائر مستجيرا بالأتراك، واتصل بالامبراطور الأسباني يستنجد به أيضا وازداد التوتر بين الأتراك والسعدي عندما استولى أبو عبد الله على تلمسان، فاستطاعوا أن يستعيدوها مرة ثانية، وأمدوا أبا حسونة بجيش لمحاربة أبي عبد الله وبعد معارك طاحنة استطاع الدخول إلى فاس إلا أن أبا عبد الله الشيخ استنفر قبائل السوس، واستطاع قتل أبي حسونة واستعادة فاس.

وبقيت العلاقات متوترة بين المغرب والخلافة العثمانية حتى تمكن


(١) انظر المرجع السابق.
(٢) الاستقصاء ٥/ ١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>