للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوهابية بالجزيرة العربية،

وتمت بينهما مراسلة ثم قامت في أواخر عهده فتنة بين قبائل البربر، فعمت القلاقل المغرب كله واشتد المرض بالمولى سليمان فعهد لابن أخيه المولى عبد الرحمن بن هشام لما اشتهر به من العدل والأمانة، وترك أولاده وإخوته (١).

ولما تولى المولى عبدالرحمن بن هشام سنة ١٢٣٨ هـ، أخذ في التجول على القبائل واستطاع إخضاع الأقاليم التي زارها، وتمت في عهده إصلاحات كثيرة في العمران وفي الأسطول البحري، ولما استولى الفرنسيون على الجزائر سنة ١٢٤٦ هـ طلب أهل تلمسان الانضمام إلى المولى عبد الرحمن، فقبل انضمامهم إليه إلا أنه اضطر لسحب جيوشه بعد دخول الفرنسيين وهران وتمرد بعض بقايا الأتراك عليه (٢).

وتعلل الفرنسيون بأن الأمير عبد القادر الجزائري يجد الحماية له من قبل المغرب كلما فر إليها، فاقتحموا وجدة، ثم انتصروا على جيش المولى عبد الرحمن في وقعة أسلي التي استولوا فيها على طنجة سنة ١٨٤٤، وأسفرت المفاوضات بعدها عن توقيع معاهدة طنجة التي ضغطوا فيها على الجانب المغربي (٣).

ثم توفي المولى عبد الرحمن سنة ١٢٧٦ هـ، فتولى بعده المولى محمد بن عبد الرحمن إذ كان ينوب عن أبيه في حياته، واشتهر بالتقوى ومراعاة الشرع في تصرفاته واستتب الأمن في عهده وهدأت الأطماع الأجنبية شيئا ما، فاهتم بالعمران، وبنى العديد من المساجد منها جامع السنة وجامع أهل فاس بالرباط والمسجد الجامع بالسوق بالدار البيضاء، واهتم بإعداد الجيش الذي تبين ضعفه في وقعة أسلي، وفي عهده هاجم الأسبان تطوان وصمد أمامهم الجيش المغربي، إلا أنه أخيرا تقهقر فدخلوها سنة ١٢٧٦ هـ، وتدخلت بريطانيا للوصول إلى اتفاق بين البلدين فتم ذلك بتنازلات أيضا من المغرب، ثم بأخذ قرض بفوائد من بريطانيا أدى إلى فرض رقابة من قبلها على الموانىء المغربية (٤).


(١) انظر الاستقصا ٨/ ٨٦، ١٠٩، ١١١، ١١٢.
(٢) الاستقصا ٩/ ١٢.
(٣) الاستقصا ٩/ ٤٩ - ٥٣، وانظر: تحفة الزائر ١/ ٢٩٠ - ٢٩١.
(٤) انظر الاستقصا ٩/ ١٠١ - ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>