للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الاسكندرية أو عكا فطويت تلك الصفحة من الجهاد الجزائري (١).

وتعاقب على الجزائر عدد من الحكام الفرنسيين الذين كان همهم قمع الاضطرابات وحركات المقاومة، التي ظهرت تحت قيادة أبطال جدد من المناطق المتعددة ومن القبائل، ففي سنة ١٨٤٨ م صدر قانون الضم من جمهورية فرنسا للجزائر لكي تصبح جزءا من الأراضي الفرنسية، وبدأ بعده تشجيع الهجرة والاستيطان من قبل الفرنسيين، وفي عهد نابليون الثالث سنة ١٨٦٥ م فتح الباب للتجنيس بالجنسية الفرنسية بشرط التبعية لفرنسا في الأحوال المدنية يعني التنازل عن الشريعة الإسلامية، وبلغ الاستعمار ذروته في الفترة بين سنة ١٨٧٠ - ١٩١٤ م حيث تمت سيطرة المستوطنين على ثروات البلاد وعلى إدارتها وتحطم الهيكل الاجتماعي للشعب الجزائري وتحول معظمهم إلى عمال لخدمة الاستعمار، وانتشر الجهل وأوشكت الثقافة العربية على الاندثار وشهدت الجزائر نوعا من التفرقة العنصرية، وأخضعت جميع المحاكم الشرعية لوزارة العدل في باريس ثم للحاكم العام، واعتبرت جامعة الجزائر التي أسست في أوائل القرن جامعة فرنسية بحتة للمستوطنين فقط، وقررت الخدمة العسكرية الإجبارية على الجزائريين بصفتهم رعايا فرنسيين وكثرت هجرة الجزائريين إلى الخارج (٢).

ونقلت الإدارة الفرنسية البرامج المتبعة في مدارس فرنسا دون تعديل مما جعل الدارسين بها ينقطعون تماما عن بيئتهم العربية الإسلامية، إلا أنه لم تعدم الجزائر بعض دعاة الاصلاح، وانقسم أنصار النهضة الجزائرية إلى فريقين: الأول ويسمى النخبة ويرى أن طريق الإصلاح الوحيد الأخذ بالأساليب الفرنسية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، والثاني يمثل البقية الباقية من الذين استطاعوا المحافظة على الاتصال بالثقافة العربية الإسلامية ومنهم: ابن سماية الذي استضاف الشيخ محمد عبده عند مروره بالجزائر سنة ١٩٠٣، وابن موهوب مفتي قسنطينة الذي يرجح أن


(١) انظر: تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر.
(٢) المغرب العربي دراسة تاريخية ص: ١٣٨ - ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>