يكون هو الذي أثر في الشيخ عبدالحميد بن باديس مؤسس جماعة العلماء.
وقامت الحرب العالمية الأولى التي راح ضحيتها آلاف القتلى من المجندين الجزائريين الذين سقطوا صرعى أمام إخوانهم المسلمين من العثمانيين، وكان لذلك أثر في الحركة الوطنية في الجزائر فأنشأ أصحاب فكرة اندماج الجزائر في فرنسا عدة تنظيمات للدعوة إلى فكرهم، في حين أسس العلماء الجزائريون جمعية رسمية سنة ١٩٣١ م، وهي جماعة العلماء والتي نشأت للمحافظة على هوية الجزائر الدينية وتخليصه من البدع التي انتشرت عن طريق الطرق الصوفية، واعتبرت لذلك حركة إصلاحية من حركات الإحياء السلفي التي انتشرت في المشرق منذ قيام الحركة الوهابية في بلاد العرب، وتمكن جماعة من أعضائها من الاتصال بالحركات الإصلاحية في المشرق ومنهم الطيب العقبي الذي تلقى تعليمه في الحجاز وعمل زمانا مع الملك عبد العزيز آل سعود، وكان لكتابات الشيخ محمد عبده ورشيد رضا تأثير كبير في توجيه أفكارهم، ورأس هذه الجمعية الشيخ عبدالحميد بن باديس من خريجي جامع الزيتونة ومن أهالي قسنطينة فهاجمها الفرنسيون لما شعروا بازدياد نفوذها، واتهموا أصحابها بأنهم (وهابيون خارجون عن الدين)، وحاولوا تقليص دورهم في الوعظ والإرشاد، إلا أن الجماعة كان لها موقف صارم من الاندماج عن طريق إقناع الجزائريين بأن التخلي عن قوانين الأحوال الشخصية الإسلامي ردة عن الدين وبالتالي يحرم المتجنس من الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين، وعن طريق إبراز ثقافة الجزائر التي هي ثقافة إسلامية عربية.
وأصدر العلماء مجلتين باللغة العربية الشهاب ثم البصائر، وأسسوا مدارس ابتدائية لتعليم القرآن، وقاموا بإعطاء الدروس في مختلف المدن عن الشريعة وشجعوا الطلاب على الارتحال في طلب العلم إلى جامع الزيتونة والجامع الأزهر وغيرهما.
ولكن الجماعة اضمحلت بعد وفاة ابن باديس، إلا أنه قد استمر أعضاؤها في الاتصال بالأحزاب الوطنية الأخرى بعد أن ابتعدت عن الاندماج.
ثم قامت حركة وطنية شيوعية سنة ١٩٢٥ م بزعامة مصالي الحاج كان لها مطالب قومية متعددة، وأصبح هذا هو الاتجاه الثالث للشعب الجزائري، وعندما قامت الحرب العالمية الثانية استطاعت فرنسا إبعاد عنصر الجزائريين