للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مدرسة التفسير بالمأثور في المغرب، فهي تابعة للمدارس الأنف ذكرها كما سيأتي بيانه في الباب الثاني عند الحديث عن نشأة التفسير في المنطقة المدروسة. وبالله التوفيق.

ثم ظهرت بعد ذلك مدرسة التفسير بالرأي والمراد به تفسير القرآن بالاجتهاد، بعد اكتمال المفسر للأدوات التي يحتاج إليها في ذلك، واختلف في جوازه فطائفة تحرمه وطائفة تجيزه ولكل أدلته وإن كانت أدلة المانعين أكثر وأوضح وقد جزم الحافظ ابن كثير تبعا لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحريم تفسير القرآن بمجرد الرأي ولاشك في جوازه عند الحاجة إليه (١).

وممن ذهب إلى المنع من المغاربة يحيى بن سلام حيث قال: سمعت أبا قلابة يقول لأيوب: ياأيوب، احفظ مني ثلاثا: لاتقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم، ولاتفسرن القرآن برأيك، فإنك لست من ذلك في شيء (٢).

وبين ابن عطية الأندلسي الرأي الممنوع الذي جاء الوعيد لصاحبه في الحديث، بأن يتبوأ مقعده من النار بقوله: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله عز وجل، فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قاله العلماء، واقتضته قوانين العلم كالنحو والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحويون نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه (٣).

وقد انقسمت مدرسة التفسير بالرأي بدورها إلى مدرستين، تمثلان وجهتي النظر في التحليل والتحريم:

الأولى: مدرسة التفسير بالرأي المحمود والمراد به التفسير الموافق لكلام العرب مع موافقة الكتاب والسنة، ومراعاة الشروط التي يجب توافرها للمفسر ومنها: علوم اللغة والنحو، والصرف والاشتقاق، والبلاغة والقراءات، والتوحيد والعقيدة، وأصول الفقه وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، وغير ذلك وقد


(١) انظر مقدمة في أصول التفسير ص: ١٠٥، تفسير القرآن العظيم ١/ ١٥.
(٢) التفسير ق: ٣٤٦.
(٣) المحرر الوجيز ١/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>