للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم ماء فرس، ولم يكن به ماء فأصابهم عطش شديد أشفى منه عقبة وأصحابه على الموت، فصلى عقبة ركعتين ودعا الله، وجعل فرس عقبة يبحث بيديه في الأرض، حتى كشف عن صفاة فانفجر منها ماء، فجعل الفرس يمص ذلك الماء، فأبصره عقبة فنادى في الناس أن احتفروا فاحتفروا سبعين حسيا، فشربوا واستقوا فسمي لذلك ماء فرس، ثم رجع عقبة إلى خاوار من غير طريقه التي كان أقبل منها فلم يشعروا به، حتى طرقهم ليلا قد تمهدوا في أسرابهم، فاستباح مافي المدينة من ذرياتهم وأموالهم وقتل مقاتلتهم، ثم انصرف راجعا، فسار حتى نزل بموضع زويلة ... ثم ارتحل، حتى قدم على عسكره بعد خمسة أشهر، وقد جمعت خيولهم وظهرهم، فسار متوجها إلى المغرب، وجانب الطريق الأعظم وأخذ إلى ... مزاتة فافتتح كل قصر بهاإلى ... ، ثم بعث خيلا إلى غدامس فافتتحت غدامس فلما انصرف ... سار إلى قفصة فافتتحها وافتتح قصطيليه ثم انصرف إلى القيروان فلم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج بناه قبله فركب والناس معه، حتى أتى موضع القيروان اليوم وكان واديا كثير الشجركثير القطف تأوي إليه الوحوش والسباع والهوام، ثم نادى ياأهل الوادي ارتحلوا رحمكم الله فإنا نازلون نادى بذلك ثلاثة أيام فلم يبق من السباع ولا الوحوش ولاالهوام إلا خرج، وأمر الناس بالتنقية والخطط ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن حديج نزله، إلى مكان القيروان اليوم وركز رمحه وقال هذا قيروانكم.

وقال زياد بن العجلان: إن أهل إفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ماوجدت (١).

وكان ذلك سنة ٥٠ هـ حيث بدأت إفريقية الإسلامية عهدا جديدا مع عقبة بن نافع المتمرس بشؤون إفريقية منذ حداثة سنه فقد لاحظ كثرة ارتداد البربر، ونقضهم العهود، وعلم أن السبيل الوحيد للمحافظة على إفريقية ونشر الإسلام بين أهلها هو إنشاء مدينة تكون محط رحال المسلمين ومنها تنطلق جيوشهم، فأسس مدينة القيروان وبنى جامعها وافتتح كثيرا من البلدان، وعمل على نشر الإسلام بين البربر وشرد


(١) فتوح مصر وأخبارها ص: ١٣٢ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>