للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو نصر ابن ماكولا: أما الباجي ذو الوزارتين أبو الوليد ففقيه متكلم، شاعر أديب سمع بالعراق ودرس الكلام وصنف، وكان جليلاً رفيع القدر والخطر (١).

وقال أبو علي ابن سكره: مارأيت مثل أبي الوليد الباجي، ومارأيت أحداً على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاه الشامي فقلت له: أدام الله عزك، هذا ابن شيخ الأندلس، فقال لعله ابن الباجي؟ فقلت: نعم، فأقبل عليه.

ولما تكلم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في البخاري، قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه أبو بكر الصائغ، وكفره بإجازة الكتب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبي الأمي وأنه تكذيب للقرآن، فتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام، حتى أطلقوا الفتنة، وقبحوا عند العامة ماأتى به، وتكلم به خطباؤهم في الجمع وقال شاعرهم:

برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال إن رسول الله قد كتبا

وصنف أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة، فرجع بها جماعة.

قال الذهبي عقب هذا الكلام، قلت: ماكل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أمياً لأنه لا يسمى كاتباً، وجماعه من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية" أي أكثرهم كذلك لندرة الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} (٢)

مات بالمرية في تاسع عشر رجب سنة أربع وسبعين وأربع مائة، وذلك ليلة الخميس بين العشائين ودفن يوم الخميس بعد صلاة العصر بالرباط على ضفة البحر وصلى عليه ابنه أبو القاسم.

له:

التفسير. لم يتمه

الناسخ والمنسوخ. لم يتمه


(١) الإكمال ١/ ٤٦٨.
(٢) الجمعة: ٢، السير ١٨/ ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>