وقدم حسان بن النعمان من قبل عبد الملك متوجها إلى المغرب، فلما قدم مصر، قال لعبد العزيز: اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس فقال له عبد العزيز: ماكنت لأفعل بعد إذ ضيعتها فاستولت عليها الروم. فقال حسان: إذن أرجع إلى أمير المؤمنين فقال: ارجع. فانصرف حسان راجعا إلى عبد الملك وخلف ثقله بمصر فقدم على عبد الملك وهو مريض ووجه عبد العزيز موسى بن نصير إلى المغرب، فأخبر حسان عبد الملك بذلك فخر عبد الملك ساجدا وقال: الحمد لله الذي أمكنني من موسى لشدة أسفه عليه، وكان عاملا لعبد الملك على العراق مع بشر بن مروان فعتب عليه عبد الملك فأراد قتله فافتداه منه عبد العزيز بمال لما رأى من عقل موسى بن نصير ولبه وكان عنده بمصر، ثم لم يلبث حسان بن النعمان إلايسيرا حتى توفي، وقدم موسى بن نصير المغرب في سنة ثمان وسبعين.
وأمر موسى بن نصير على إفريقية سنة تسع وسبعين، فعزل أبا صالح، وافتتح عامة المغرب، وواتر فتوحه وكتب بها إلى عبدالعزيز بن مروان، وبعث بغنائمه وأنهاها عبد العزيز إلى عبد الملك، فسكن ذلك من عبد الملك بعض ما كان يجد على موسى ثم إن موسى بن نصير حين غزا المغرب، بعث ابنه مروان على جيش فأصاب من السبي مائة ألف، وبعث ابن أخيه في جيش آخر، فأصاب مائة ألف، فلما أتى كتبه بذلك قال الناس: ابن نصير والله أحمق من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين في الخمس؟ فبلغ ذلك موسى بن نصير، فقال: ليبعثوا من يقبض لهم عشرين ألفا، ثم توفي عبد الملك بن مروان، وكانت وفاته يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال، سنة ست وثمانين، واستخلف الوليد بن عبد الملك فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى بن نصير، فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به (١).
ووجه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها فجهد هو وأصحابه فانصرف، وخلف على جيشه طارق بن عمرو،