للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى رجع إلى المشرق سنة ٨٥ هـ، ويمكن أن نعتبر أن فتح إفريقية قد تم نهائيا في هذه المرحلة، لولا وجود بعض البؤر التي لم تفتح وبقيت تشكل خطرا على الإسلام مثل قلعة زغوان الواقعة بين القيروان وتونس، وبعض المدن الواقعة في أطراف إفريقية (١).

ولما مر حسان ببرقة أمر على خراجها إبراهيم بن النصراني، ثم مضى فمر بعبد العزيز بن مروان وهو بمصر، ثم نفذ إلى عبد الملك فسر عبد الملك بما أورد عليه حسان من فتوحه وغنائمه، ويقال بل أخذ منه عبدالعزيزكل ما كان معه من السبى، وكان قد قدم معه من وصائف البربر بشيء لم ير مثله جمالاً، فكان نصيب الشاعر يقول: حضرت السبى الذي كان عبد العزيز أخذه من حسان مائتى جارية منها مايقام بألف دينار.

ثم أغارت الروم بعد حسان على أنطابلس فهرب إبراهيم بن النصراني، وخلى أهل أنطابلس وأهل ذمتها في أيدي الروم، فرأسوها أربعين ليلة حتى أسرعوا فيها الفساد، وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان، فأرسل إلى زهير بن قيس، وكان خرج مع حسان، فلما بلغ مصر أقام بها فأمره عبد العزيز بالنهوض إلى الروم، ولم يجتمع لزهير من أصحابه إلا سبعون رجلا ... ، وكان عبد العزيز عاتبا على زهير بن قيس، لأنه كان قاتله حين وجهه أبوه مروان بن الحكم من ناحية أيلة من قبل أن يدخل مصر، فقال له: ماعلمتك يازهير إلاجلفا جافيا، فقال له زهير: ماكنت أرى ياابن ليلى أن رجلا جمع ماأنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - من قبل أن يجتمع أبواك جلف جاف، ماهو بالجلف ولا الجاف، أنا منطلق فلا ردني الله إليك، فخرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أطرابلس لقي الروم وهو في سبعين رجلا، فتوقف ليلحق به الناس، فقال له فتى شاب كان معه: جبنت يازهير، فقال: ماجبنت يا ابن أخي، ولكن قتلتني وقتلت نفسك! فلقيهم فاستشهد زهير وأصحابه جميعا، فقبورهم هنالك معروفة إلى اليوم، وكان مقتل زهير وأصحابه في سنة ست وسبعين (٢).


(١) انظر المعالم ١/ ٦٩، البيان المغرب ١/ ٣٨ - ٤١، الرياض ١/ ٥٦.
(٢) فتوح مصر وأخبارها ص: ١٣٦ - ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>