للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو إسحق الجبنياني: القيروان رأس وما سواها جسد، وماقام برد الشبه والبدع إلا أهلها، ولاقاتل وقتل على إحياء السنة إلا أئمتها (١).

وقال ابن الشباط: ولم يزل بها على الزمان من العلماء والكتاب وذوي البراعة في المعارف والآداب من تزدان بأوصافه الأقطار وتشرق بأنوار كلامه الأسطار (٢).

ووصفها مقديش بقوله: منبع الولاية والعلوم لأهل المغرب، أصل كل خير، والبلاد كلها عيال عليها، فما من غصن من البلاد المغربية إلا منه علا، ولافرع في جميع نواحيها إلا عليها ابتنى، كيف لا؟ ومنها خرجت علوم المذهب، وإلى أئمتها كل عالم ينسب، ولاينكر هذا خاص ولاعام ولايزاحمها في هذا الفضل أحد على طول الأمد والأيام (٣).

ولاشك أن الحياة العلمية بدأت مع أول غزوة سنة ٢٧ هـ والتي اشتملت على عشرين ألفا قال أبو العرب: أكثرهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤) والصحابة رضي الله عنهم هم المعلمون الحقيقيون والدعاة المخلصون الذين بلا مراء بذلوا أقصى جهدهم في نشر هذا الدين وتعليم المسلمين أمر دينهم وعن طريقهم أسلم الكثير من البربر نتيجة لهذه الغزوة (٥).

وقد ذكر أن عثمان - رضي الله عنه - أرسل مصحفا إماما إلى أهل المغرب وكان محفوظا في بيت الحكمة القيرواني (٦).

ثم ازداد النشاط العلمي بغزوة ابن حديج سنة ٤٥ هـ، وذلك لطول مدتها التي دامت أربع سنوات مع مافيها من الصحابة، وقد أدى ذلك إلى دخول كثير من البربر في الإسلام، ثم ترسخ ذلك كله بتأسيس القيروان حتى قال المالكي: فشد إليها الناس المطايا من كل مكان وعمرت بفضلاء الناس من الفقهاء والمحدثين والمتطوعين والعابدين والنساك والزاهدين وأعز بها الإسلام وأهله ودمغ بها أهل النفاق والأهواء والشك والضلالة.


(١) مناقب أبي إسحق الجبنياني ٦٠، ٦١، حسن البيان ١٨٩.
(٢) المؤنس ص: ٢٠.
(٣) انظر حسن البيان ١٨٩.
(٤) الطبقات ١٥.
(٥) انظر النجوم الزاهرة ١/ ٨٥، تاريخ الإسلام ٢/ ٧٩.
(٦) انظر رحلة العبدري ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>