للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كانت نقطة الانطلاقة بالقيروان إنشاء جامعها الذي كان مسرحا لتدريس العلم على يد الصحابة والتابعين الذين قدموا مع عقبة، ومنهم عبد الله بن عمر الذي روى عنه يزيد بن قاسط الإفريقي، وميسرة الزرودي وجاء قوم إليه وهو بإفريقية فلما أرادوا فراقه قالوا: زودنا منك حديثا ننتفع به (١)، ولا يخفى تضلع ابن عمر في التفسير واهتمامه به.

وقد قام عقبة ببناء عدة مساجد بالمغربين الأقصى والأوسط، والتي كانت بلا شك مراكز تعليمية وترك صاحبه شاكرا في بعض مدن المغرب الأوسط لتعليم البربر الإسلام (٢)، وقد وصل عدد المساجد بالقيروان وغيرها في عصر ازدهارها ثلاثمائة مسجد (٣)، ثم جاء بعده حسان بن النعمان الذي خصص ثلاثة عشر فقيها من التابعين، ليعلم البربر العربية والفقه ومبادىء الإسلام (٤).

وثبت أن عكرمة مولى ابن عباس لم يدخل إفريقية غازيا، وإنما دخلها لنشر العلم وكانت دروسه في الحديث والتفسير في جامع عقبة في مجلس بمؤخرة الجامع يقصده الطلاب فيه (٥).

ثم ما كان من موسى بن نصير حيث أمر العرب أن يعلموا البربر القرآن، وأن يفقهوهم في الدين وترك في المغرب الأقصى سبعة وعشرين فقيها لتعليم أهله (٦).

وقد بدأت الكتاتيب لتعليم النشء المسلم منذ عهد مبكر في تلك المنطقة الإسلامية الجديدة، فعن غياث بن شبيب أنه قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان ويسلم علينا ونحن في الكتاب وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه (٧)، وكانوا يتعلمون في تلك الكتاتيب الحديث الشريف والسنن بالإضافةلحفظ القرآن وتعلم إعرابه وترتيله والشكل


(١) انظر طبقات أبي العرب ٩١، ٩٣، الرياض ١/ ١٣٧.
(٢) انظر البيان المغرب ١/ ٢٧.
(٣) انظر بساط العقيق ١٧.
(٤) انظر الخلافة والخوارج ٣٨.
(٥) انظر طبقات أبي العرب ١٩، الرياض ١/ ١٤٦.
(٦) انظر البيان ١/ ٤٢، ٤٣، تاريخ ابن خلدون ١/ ١٣٦.
(٧) انظر الرياض ١/ ٩١، المعالم ١/ ١٥١، الإصابة ٢/ ٥٦، الاستيعاب ٢/ ٦٦، أسد الغابة ٢/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>