للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رويتها عن رجال يقولون: الإيمان قول وآخرين يقولون: الإيمان قول وعمل فحدثنا بما سمعنا منهم فقال لي ابن وهب: فرجت عني فرج الله عنك قال عون: فلما قدمت القيروان - وكان يحيى باقيا بعد - أتاني فسلم علي وقال لي: يا أبا محمد، قد بلغني محضرك فجزاك الله خيرا، والله ما قلت إلا حقا، وما دنت الله به قط. (١)

وقال سليمان بن سالم: إنما نسب إلى يحيى بن السلام الإرجاء أن موسى بن معاوية الصمادحي أتاه فقال له: يا أبا زكريا، ما أدركت الناس يقولون في الإيمان؟ فقال: أدركت مالكا وسفيان الثوري وغيرهم - كذا - يقولون: الإيمان قول وعمل وأدركت مالك بن مغول وفطر بن خليفة وعمر بن ذر يقولون: الإيمان قول. قال سليمان: فأخبر موسى سحنون بن سعيد بما ذكر يحيى عن عمر بن ذر وفطر بن خليفة ومالك بن مغول ولم يذكر له ما قال عن غيرهم فقال سحنون: هذا مرجئ.

ولاشك أن قولة سحنون هذه قد طارت في الآفاق لما له من منزلة عالية عند الأفارقة ولكن أبى الله عز وجل إلا أن يظهر حقيقة الأمر وتبرأ ساحة يحيى بن السلام مما نسب إليه.

قال أبو العرب: سألت أبا يحيى بن محمد بن يحيى بن السلام خاليا عن قول جده في الإيمان فقال لي: كان جدي يقول: الإيمان قول وعمل ونية قال: وكان أبو يحيى ثقة صدوقا لا يقول عن جده إلا الحق.

وقال عون: قلت ليحيى بن السلام: إن الناس يرمونك بالإرجاء، فأخذ يحيى لحيته بيده وقال: أحرق الله هذه اللحية بالنار إن كنت دنت الله عز وجل قط بالإرجاء. (٢)

ومما يدل على ورعه وتقواه واتعاظه بكتاب الله عز وجل وحديث رسوله - صلى الله عليه وسلم - تلك القصة المعبرة:

قال ابنه محمد: كنت أمشي مع أبي إلى أن انتهينا إلى موقف الخيل بالقيروان فبينما نحن نمشي إذ جذبني جذبة شديدة ثم دخل إلى سقيفة هنالك


(١) الطبقات ص: ٣٨، الرياض ١/ ١٩١ - ١٩٢.
(٢) الطبقات ص: ٣٧، والرياض ١/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>