للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدخلني معه، فقلت لأبي: ما القصة؟ قال: يا بني، رأيت غريما لي فخفت أن يراني فيرتاع مني، وذكرت قول الله عز وجل: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} (١) فقعدنا ساعة ثم خرجنا فلما مشينا قليلا التفت إلي وقال: يابني، إنه قد جاء في الحديث "من رحم يرحم ".

وكان ثقة ثبتاً، ذا علم بالكتاب والسنة، ومعرفة اللغة والعربية، صاحب سنة

قال يحيى بن سلام: لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي، ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول هذا أحب إلي. (٢)

وسئل قاضي القيروان عيسى بن مسكين عن رأيه في يحيى بن سلام، فقال: والله إنه لخير منا.

وقال أبو العرب: كان ثقة ثبتا لا يقول إلا الحق.

وقال: كان يحيى بن السلام من خيار خلق الله تعالى: دعا الله تعالى أن يقضي عنه الدين فقضى دينه، ودعا الله عز وجل أن يورث ولده العلم فكان كما دعا، ودعا الله عز وجل أن يكون قبره بمقطم مصر، فكان كذلك وقبره إلى جانب قبر ابن

فروخ وقيل: إنه يرى عليهما كل ليلة قنديلان. (٣)

حنت نفسه إلى زيارة الحجاز وإعادة العمرة فتأهب لذلك وسافر برا من طريق طرابلس، وقد صاحبه ابنه محمد فمرا بمصر، ودخلا الحجاز وحجا، وزارا مدينة الرسول. ثم عادا فمرض يحيى في طريق رجوعه، فما وصلا إلى مصر حتى أدركته المنية بعد أيام من حلوله بالفسطاط في خلال شهر صفر من سنة مائتين وانفجع العلماء لوفاته واحتفلوا بتشييع جنازته ودفن بالمقطم إلى جانب قبر عبد الله بن فروخ المحدث القيرواني.

وقال سزكين: توفى في مكة حاجاً. (٤)

له:

تفسير القرآن ويعرف باسمه "تفسير يحيى بن سلام "

وهو تفسير بالآثار على طريقة المتقدمين وربما كان أقدم ما لدينا من نوعه، وكان فيما سلف معروفا شائعا كثيرا إلى القرن الخامس للهجرة. قال أبو عمرو الداني: وليس لأحد من المتقدمين مثله. ثم قل تداوله بظهور التفاسير


(١) البقرة: ٢٨٠.
(٢) جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٤٧.
(٣) الطبقات ص: ٣٧.
(٤) تاريخ التراث ١/ ٢٠٤، ويبدو أن كون وفاته بعد رحلة حج أوهم سزكين وظن أنه توفي بمكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>