للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثرت المساجد (١) واهتم العلماء برواية الحديث والتفسير، وخاصة مايتعلق منها بآيات الأحكام.

وتدعم هذا العمل ببعثة الفقهاء العشرة، الذين أرسل بهم عمر بن عبد العزيز لتفقيه أهل إفريقية، فما أن انتهت الفتوح في إفريقية واستقر الإسلام بين البربر حتى قدمت من المشرق دعامة عظيمة للحياة العلمية بالقيروان، تلكم هي بعثة عمر بن عبد العزيز العلمية سنة ٩٩ هـ، وقد تكونت من عشرة من التابعين فبنوا المساجد، والكتاتيب في القيروان، وأقبلوا على نشر العلم بها، وانتفع بهم أهل إفريقية، وطال مقام بعضهم بالقيروان حتى زاد على الثلاثين عامًا، وعلى أيديهم تخرجت طلائع علماء القيروان. (٢)

وقد كان لهؤلاء العلماء من التابعين دور حاسم في نشر العلوم الإسلامية، وخاصة مايتعلق منها بأحكام القرآن وتفسيره ورواية الحديث. وقد تم على أيدي هؤلاء إسلام البربر ونشر تعاليم الإسلام في شتى أنحاء المغرب الإسلامي.

ولعل المهمة الأساسية للبعثة التعليمية تتضح من خلال رسالتهم التي كتبوها لحنظلة ابن صفوان (٣) ليبعث بها إلى أهالي طنجة لما ثاروا عليه، والتي تتضمن أبرز مواضيع القرآن، حيث أشاروا إلى أن آياته لا تخرج عن مواضيع أساسية عشرة: أمر بالمعروف، وزجر عن المنكر، وتبشير بالجنة، وإنذار بالنار، وإخبار عن الأولين والآخرين، ومحكم القرآن يعمل به، ومتشابهه يؤمن به، وحلاله أمر أن يؤتى، وحرامه أمر أن يتجنب، وفيه أمثال ومواعظ فمن يطع الآمرة وتزجره الزاجرة، فقد استبشر بالمبشرة، وأنذرته المنذرة، ومن يحلل الحلال ويحرم الحرام، ويرد العلم فيما اختلف فيه الناس


(١) وصف حسن حسني عبد الوهاب انتشار الكتاتيب وتطور التعليم بإفريقية وسائر أنحاء المغرب بقوله: ومع الزمان تدرجت الدراسة في الكتاتيب إلى المساجد والجوامع وحلق الطلبة على الشيوخ من حفاظ القرآن وقرائه، ورواه الحديث، وحملة الفقه وما إلى ذلك، فشاعت منذ نلك الوقت طريقة التعليم على غرار ما كان موجودًا بأمصار المشرق العربي. (ورقات ١/ ٧٩ - ٨٠).
(٢) انظر مدرسة الحديث في القيروان ١/ ١٢٦.
(٣) حنظلة بن صفوان، ولاه هشام بن عبد الملك على إفريقية والمغرب سنة ١٢٤ هـ. تاريخ إفريقية والمغرب ص: ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>