للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله، مع طاعة واضحة ونية صالحة، فقد أفلح وأنجح، وحيا حياة الدنيا والآخرة (١).

فهذه الرسالة في إيجازها وبلاغة ألفاظها، تضمنت خلاصة عن مواضيع القرآن التي سبق ذكرها، وهي تدل على أن مهمة هؤلاء في الدرجة الأولى كانت تعليم القرآن وتفسيره وبيان أهدافه، كما أنها تبين اتجاه التفسير في تلك المرحلة والمتمثل في العمل بالمحكم، والإيمان بالمتشابه، ورد مااختلف فيه الناس إلى الله تعالى مع طاعة واضحة وهي في جملتها تتعلق بالعقيدة، وبسلوك الإنسان في المجتمع الجديد.

وقد تخرج على هؤلاء العلماء الجيل الأول من أبناء إفريقية الذين سيتولون مواصلة مهمتهم التعليمية الدينية، والذين سيرتحل بعضهم إلى المشرق لزيادة التلقي عن محدثيه وفقهائه. ويأتي في مقدمتهم عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الذي روى عن جماعة من التابعين بالمشرق، وتوسع في العلوم الإسلامية. وقد أقام بمكة مدة ودرس بها، وكانت له فيها مجالس مشهورة حتى أقبل عليه سفيان الثوري المفسر الإمام وأخذ عنه (٢)، ثم رجع إلى القيروان ودرس بها.

ومن علماء إفريقية الأوائل عبد الله بن فروخ الفارسي (٣) الذي رحل في طلب العلم إلى المشرق ولقي مالكا وسفيان الثوري وكلاهما من مشاهير المفسرين وكانت له مكاتبات مع مالك يسأله عن بعض القضايا فيجيبه. كما لقي ابن فروخ، عبد الملك بن جريج صاحب أول تصنيف في التفسير على أشهر الروايات وفي إفريقية أخذ عن ابن فروخ يحيى بن سلام (٤) صاحب أقدم تفسير إفريقي وأقدم تفسير باق إلى اليوم.

وسوف يأتي عند حديثنا عن تأثر المنطقة بالمشرق مكملات لهذا المقطع.

وبعد منتصف القرن الثاني دخلت بعض أجزاء تفاسير المشارقة إلى القيروان ورويت بها، مثل تفسير المسيب بن شريك الكوفي، الذي كان يقرأ


(١) رياض النفوس١/ ٦٧.
(٢) رياض النفوس ١/ ٩٦ - ١٠٣.
(٣) طبقات علماء إفريقية ٣٤ - ٣٧.
(٤) طبقات علماء إفريقية ص: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>