للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحل إلى المشرق، وبرع في الحديث والفقه، ثم عاد إلى القيروان فأقام بها يعلم الناس العلم، ويحدثهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتفع به كثير (١) وهو أول من أدخل مذهب أبي حنيفة المغرب حيث دون عنه أكثر من عشرة آلاف مسألة (٢) كما أنه سمع من الإمام مالك بن أنس، ومن سفيان الثوري والأعمش وابن جريج وهم من أعلام المفسرين.

وكان للخوارج نشاط علمي على مذهبهم، وقاموا بكتابة العديد من المصنفات فمن أكبر علماء الإباضية محمد بن أفلح وأبو خرز الحامي، ولهما مؤلفات عديدة في اعتقادهم (٣)، وسوف أقدم دراسة لتفسير هود بن محكم وهو من الإباضية الذين نشروا العلم بتاهرت التي أسسوا فيها دولتهم، كما سيأتي.

وفي أول عهد يزيد بن حاتم (١٥٥ هـ - ١٧٠ هـ) ركدت ريح الخوارج من البربر وتداعت بدعتهم إلى الاضمحلال (٤)، فالتفت إلى الناحية العمرانية ورتب أسواق القيروان، وأفرد لكل صناعة مكانا وجدد بناء الجامع وانتعشت الحياة العلمية في عهده (٥) لطول فترة حكمه مع الهدوء والاستقرار وقلة الحروب وكذا الحال في عهد خلفه إلا ما كان من ثورة بعض الجند وخاصة في عهد محمد بن مقاتل العكي (١٨١ هـ - ١٨٤ هـ) الذي كان سيىء السيرة حتى إنه ضرب عابد القيروان البهلول بن راشد (ت ١٨٣ هـ) وحبسه ظلما (٦)، ولما اختلت عليه الأمور عزله هارون الرشيد سنة ٨٤ هـ، وبذلك انتهى عصر الولاة ليبدأ العهد الأغلبي، كما سيأتي.

وفي الحقبة الأخيرة من هذا العصر نشطت الرحلة إلى المشرق (٧)، وعاد


(١) انظر المعالم ١/ ٢٣٩، الرياض ١/ ١٧٧.
(٢) الرياض ١/ ١٨٠.
(٣) انظر المدارس الكلامية بإفريقية ١٤٤، ١٤٦.
(٤) انظر الاستقصاء ١/ ١٣٣، العبر ٦/ ١١٣.
(٥) انظر تاريخ المغرب العربي ١/ ٣٦٧، ورقات ١/ ١٦٢.
(٦) البيان المغرب ١/ ٨٩.
(٧) انظر كمثال: المدارك ١/ ١٩٢، البيان المغرب ١/ ٧٩، الشجرة ١/ ٦٠، الرياض ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>