للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن روي عنه أنها منسوخة ابن عباس ومجاهد وغيرهما.

ومن الآيات التي رجح أنها منسوخة، ما جاء في تفسيره لقوله تعالى {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} (١) قال: قال ابن عباس وعائشة وغيرهما: هي محكمة، والمعنى عندهما أن الله تعالى يحاسب خلقه على ماعملوه وما أسروه في أنفسهم فيغفر للمؤمنين ويؤاخذ الكافرين والمنافقين.

وعن عائشة رضي الله عنها أن محاسبة الله عز وجل خلقه على ما أسروه ولم يعملوه، إنما هو بالمصائب في الدنيا هذا معنى قولها. وروي معناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

وعن مجاهد وعكرمة وغيرهما أنها محكمة مخصوصة في كتمان الشهادة. وعن ابن عباس أيضا وأبي هريرة وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم أنها منسوخة بقوله {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (٣).

ويعقب المهدوي على كل هذا بقوله وأحسن ما يحمل هذا المذهب عليه أن تكون الآية إنما نسخت الشدة اللاحقة بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزولها، فيكون من قولهم: نسخت الريح الآثار أي أزالتها، ومن قولهم نسخت الشمس الظل إذا أزالته وحلت محله فكأن اللين في الآية الأخرى أزال الشدة التي في الأولى وحل محلها، فإن لم يحمل على هذا ففيه بعد، لأنه خبر، وإذا لم يكن في الخبر معنى الأمر والنهي استحال نسخه (٤).

ولا يجيز المهدوي نسخ القرآن بالسنة وقد عبر عن رأيه هذا عند تفسير قوله تعالى {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} (٥)، وتأول معنى الحديث الذي اعتبره البعض ناسخا للآية السابقة فقال: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة أن زكريا عليه السلام منع الكلام وهو قادر وأنه منسوخ، بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صمات يوم إلى الليل" (٦). وأكثر العلماء على أنه ليس


(١) البقرة: ٢٨٤.
(٢) أخرجه البخاري - كتاب المرضى - باب ما جاء في كفارة المرض وقول الله تعالى {من يعمل سوءا يجز به} ١٠/ ١٠٣ عن عائشة مرفوعا: " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها".
(٣) البقرة: ٢٨٦.
(٤) التحصيل ١/ ١٥٠ - ١٥١.
(٥) آل عمران: ٤١.
(٦) أخرجه أبو داود - كتاب الوصايا - باب متى ينقطع اليتم ٣/ ١١٥ عن علي بن أبي طالب مرفوعا في حديث أطول منه، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير ورجاله ثقات (المجمع٤/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>