للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وازدهرت الثقافة في عصره، وقصد الناس مدينة فاس من الأندلس وإفريقية وفي أيامه بني أهم آثار فاس والمغرب الأقصى كله جامع القرويين ومسجد الأندلس سنة ٢٤٥ هـ.

ولما هلك يحيى تولى الأمر من بعده ابنه يحيى بن يحيى وقد عرف بسوء السيرة والشراب والنساء وترك الحكم بفضيحة، تولى بعدها الأمر والد زوجته علي بن عمر بن إدريس (١) وكان فقيها عارفا بالحديث وصارت بينه وبين الخوارج وقائع، استولى بعدها عبد الرزاق الفهري على فاس حتى انتزعها منه يحيى بن القاسم، ولم يزل ملكا على فاس وأعمالها حتى اغتاله الربيع بن سليمان سنة ٢٩٢ هـ، وتولى الأمر يحيى بن إدريس بن عمر.

وكان يحيى بن إدريس رجلا صالحا حافظا للحديث وفي عهده اختط عبيد الله الباطني المهدية، وهزم يحيى وفرض سلطانه على المغرب الأقصى - كما سيأتي - فكانت نهاية دولة الأدارسة الأولى (٢).

وهناك نوع آخر من الثورات عرفه العهد الأغلبي، وقد تمثل في الثورات المتتالية التي قام بها قادة الجند الذين رأوا لأنفسهم حقا في مشاطرة الأغالبة الحكم، وكان منبت هذه الثورات في تونس غالبا وأحيانا في طرابلس وأخطرها ثورة عمران بن مجالد الربعي سنة ١٩٤ هـ وهو قائد إبراهيم بن الأغلب ووزيره، وقد تمكن من الاستيلاء على القيروان لمدة سنة كاملة قبل أن ينجح إبراهيم في إخماد ثورته كما ثار على زيادة الله ابن إبراهيم (٢٠١ هـ - ٢٢٣ هـ) كبير قادته منصور بن نصر الطنبذي سنة ٢٠٩ هـ، وتمكن من السيطرة على معظم إفريقية واستولى قادة الجيش على المدن، ولم يتمكن زيادة الله من إعادة الأمور إلى نصابها إلا بعد أربعة أعوام (سنة ٢١٣ هـ) وأما الثورات الأخرى فلم تكن ذات بال وبذلك تمكن أمراء الأغالبة من تمهيد البلاد واهتموا بالغزو الخارجي، ففتحوا صقلية (٢١٢ هـ) ومالطة وسردانية وسرقوسة (٢٦٤ هـ) حتى وصلوا إلى روما (٣).

كما اعتنى الأغالبة بالناحية العمرانية فأسسوا عدة مدن كالعباسية (١٨٥ هـ)


(١) انظر العبر ٤/ ١٥، أعمال الأعلام ٢٠٧ - ٢٠٨.
(٢) انظر الاستقصاء ١/ ١٦٦، الدرر السنية ص: ٥٦، أعمال الأعلام ص: ٢١٠، صبح الأعشى ٥/ ١٨٢، العبر ٦/ ١٣٤.
(٣) ورقات ٢/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>