للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورقادة (٢٦٣ هـ)، وبنوا المحارس والحصون وقصور الرباط ومواجل المياه، وعرفت في عهدهم المكتبات العامة، وحبست فيها المصنفات على طلبة العلم (١).

وظهر مذهب الاعتزال بإفريقية بصورة واضحة في عهد الأغالبة والأدارسة والاعتزال تعود نشأته إلى الاختلاف الواقع بين واصل بن عطاء والحسن البصري حول مرتكب الكبيرة، فاعتزل واصل مجلس الحسن وأظهر القول بأنه في منزلة بين منزلتي الكفر والإيمان ودعا إلى بدعته، وكان مبعوثه إلى إفريقية عبد الله بن الحارث الذي دخلها في بداية القرن الثاني (٢) ثم تبنى الفكر الاعتزالي بعض ولاة الأغالبة، وتمكن المعتزلة من الوصول إلى القضاء مرتين بالقيروان وامتحنوا أهل السنة في مسألة القول بخلق القرآن وكانوا يدرسون نظرياتهم في جامع عقبة وسبق تبني بعض حكام الأدارسة للفكر الاعتزالي (٣)، وقد قاوم الشعب الإفريقي الاعتزال أشد المقاومة، وصدرت الفتاوى عنهم والمؤلفات في الرد عليهم، ومازال أمرهم في تناقص حتى زال كلية من إفريقية، بعد قيام دولة بني عبيد (٤).

وقد وصف عامة أمراء الأغالبة الأحد عشر، بحسن السيرة، والإحسان إلى الرعية (٥) إلا ما كان من عبدالله بن إبراهيم (١٩٦ هـ - ٢٠١ هـ) الذي فرض إخراج العشر من الحبوب مالاً، فسخط عليه الناس ورفضه الفقهاء، ودعوا عليه فمات بسبب دعوتهم (٦) ويمثل عصر الاستبداد في العهد الأغلبي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب (٢٦١ هـ - ٢٨٩ هـ)، فقد فسد فكره بعد مدة من حكمه، وأتى بمنكرات لايفعلها عاقل منها أن قتل ابنه وبناته الست عشرة وثلاثمائة من خدمه، كما قتل كتابه وحجابه وثمانية من إخوته وله طرق بشعة


(١) المكتبة الأثرية ص: ٨، ١٤ سجل قديم ٣٣٩.
(٢) انظر المدارس الكلامية ص: ١٦٢، الصراع المذهبي ص: ٩٢.
(٣) انظر المؤنس ٥٠.
(٤) انظر طبقات الخشني ١٩٨ - ٢٢٤، طبقات أبي العرب ٩١، حسن البيان ١٩٩، المدارك ١/ ١١.
(٥) انظر مثلا العبر ٤/ ٢٠١، إتحاف أهل الزمان ١/ ١٠٤، ١٠٧، الكامل ٥/ ٢٥٣، ٢٦٣.
(٦) انظر العبر ٤/ ١٩٧، البيان المغرب ١/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>