للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما لم يجد بنو عبيد استجابة من أهل إفريقية لأفكارهم، وقابلوا تلك المقاومة انتقلوا إلى مصر سنة ٣٦٢ هـ تاركين لأنصارهم من بني زيري حكم إفريقية نيابة عنهم.

وفي النصف الثاني من عهد العبيديين دخلت القيروان بعض المصنفات الحديثية الهامة مثل مصنف عبدالرزاق (١)، والجامع الصحيح للإمام البخاري (٢)، وكان أول من أدخل الصحيح هو علي بن محمد بن خلف الفاسي، وكان مما حدث به أيضا السنن ومسند حديث مالك وتفسير القرآن للنسائي (٣).

وقام بالتصنيف في تلك الحقبة للباطنيين أبرز مفكريهم أبو حنيفة النعمان بن محمد القاضي القيرواني كتبا عدة في فقههم وكتابا في التفسير هو أساس التأويل وسيأتي الكلام عليه وعلى تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وفي غضون تلك الحقبة قامت دولة الأدارسة الثانية تحت ظل العبيديين بعدما طورد مايسمى بابن أبي العافية بالمحالفة بينهما، فرجع الملك إلى بني إدريس تحت قيادة إبراهيم بن محمد بن القاسم، ولما مات آلت الرئاسة لأخيه القاسم الملقب بكنون الذي أقام دعوة العبيديين حتى توفي سنة ٣٣٧ هـ، فتولى مكانه ابنه أبو العيسى أحمد بن القاسم وكان فقيها ورعا حافظا للسير والأنساب، وتحته استعاد المغرب وحدته وقدم الطاعة لعبد الرحمن الناصر الوالي الأموي وفي عهده سلمت القيادة للأمويين وخرج هو للجهاد والاستشهاد في جهاد الأفرنج سنة ٣٤٨ هـ، وترك بدلا منه أخاه حسن بن كنون (٤).

ولما بلغ المعز لدين الله بن إسماعيل العبيدي أن أهل المغرب الأقصى نقضوا إطاعة الشيعة وجه قائده جوهر الصقلي سنة ٣٤٨ هـ إلى المغرب ومعه زيري بن مناد الصنهاجي وغيره فاستطاع القضاء على نفوذ بني أمية خلال سنتين وتظاهر حسن بن كنون بمبايعة العبيديين ثم نكث بيعته بقفولهم، وعاد لبني أمية ثم لما تولى بلكين بن زيري أعاد الكرة فبايع حسن بن كنون للعبيديين وساعدهم فأحفظ ذلك الخليفة الأموي، فأرسل جيشا دارت بينه وبين


(١) انظر: الخشني ١٧٣، المعالم ٣/ ٤٤.
(٢) انظر: المدارك ٣/ ٦١٧، الشجرة ١/ ٩٧.
(٣) انظر: فهرست ابن خير ٥٩، ١١٢، ١٤٥، الشجرة ١/ ٩٧.
(٤) انظر: العبر ٤/ ١٧، الاستقصا ١/ ١٧٨ - ١٨٢، أعمال الأعلام ص: ٢١٨ - ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>