للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنون وقضى على الدولة الإدريسية الثالثة سنة ٣٧٥ هـ (١).

فصار ملك المغرب لأهل الأندلس (يعني بني أمية) فولوه مغراوة وأول من ولوه منهم حرز بن حفص وبقي الملك في أيديهم يتوارثونه إلى أن قام المرابطون فغلبوهم عليه (٢).

وازدادت الحياة السياسية اضطرابا في عهد باديس بن المنصور (٣٨٦ هـ - ٤٠٦ هـ) الذي قضى أيامه في حروب متصلة، حتى إن أعمامه كانوا من بين الثائرين عليه وأعلنوا فيما بعد استقلالهم بقلعة بني حماد في المغرب الأوسط. وبدأت فيه دولتهم بتولي حماد بن بلكين بن زيري سنة ٣٩٨ هـ الذي تبعه ولده القائد بن حماد ثم ولده محسن بن القائد إلى أن تولى آخر ملوك بني حماد وهو يحيى بن العزيز بالله سنة ٥١٥ هـ (٣).

لقد كان هؤلاء الأمراء الثلاثة بلكين والمنصور وباديس محافظين على تبعيتهم للعبيديين وولائهم للمذهب الإسماعيلي، إلا أنهم لم يتشددوا في مطالبة الناس بالتشيع، فانفسح المجال تدريجيا أمام العلماء لنشر السنة، وبذلك بدأت الحياة العلمية تعود إلى المساجد والكتاتيب شيئا فشيئا، غير أن تلك المظاهر الرسمية من التبعية لحكام مصر والدعوة لهم على المنابر كانت تقلق العلماء، وأسهمت في إيجاد هوة عميقة بينهم وبين حكام بني زيري، فاستمروا في مقاومة هؤلاء الحكام الذين لم يكونوا متحمسين للدعوة الإسماعيلية، وخاصة مع صمود الشعب ومواصلتهم مقاطعة الدولة، غير أنهم لايستطيعون الإعلان بذلك خوفا على سلطانهم، وأحس أهل القيروان بذلك فراح علماؤهم يعملون جاهدين على نشر السنة وآراء السلف فعجت القيروان بالعلماء من جديد، وكثرت المصنفات في مختلف فروع الشريعة، فقد ألف ابن أبي زيد (ت ٣٨٦ هـ) مصنفات عديدة في الفقه والحديث والرد على أهل البدع (٤) وألف القابسي (ت ٤٠٣ هـ) في الحديث وأصول الدين (٥)، وغيرهما كثير وانتعشت الحياة


(١) انظر: الاستقصاء ١/ ١٨٥، البيان ٢/ ١٨١، بغية الرواد ص: ٨٤، أعمال الأعلام ص: ٢٢١.
(٢) نظم الدرر والعقيان في بيان شرف بني زيان ص: ٢٨٩.
(٣) انظر تاريخ المغرب وحضارته ٦١٥ - ٦١٧، المغرب العربي الكبير ٤٥٥.
(٤) الشجرة ١/ ٩٦.
(٥) المدارك ٣/ ٦١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>