للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول في تأويل الدعائم:

كذلك يرفض المؤمن المستجيب ما كان عليه من ظاهر أهل الباطن ويتمسك بظاهر أهل الحق وباطنهم ومثل ما يترك من سرته عند قطعها ويربط ويكوى طرفه إلى أن يجف ويسقط مثل ما يترك المستجيب عليه من توحيد أهل الظاهر الذي هو إلى الشرك أقرب كما قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (١) فيترك على ذلك في وقت الأخذ عليه إلا أنه يعرف أنه سيوقف على حقيقة توحيد الله وتنزيهه عن كل مثل وضد لئلا يعتقد ما كان عليه من ذلك من التشبيه والشرك وذلك مثل ربط السرة وحسمها فإذا عرف حقيقة توحيد الله وتبين له ذلك سقط عنه ما كان يعتقده من افتراء المبطلين على الله في ذلك وهذا مثل سقوط سرة المولود بعد أيام من ولادته. (٢)

ويقول:

وقد سمعتم فيما بسط لكم من الأصول وقرئ عليكم من حد الرضاع في الباطن أن لكل جنس من الحيوان أمثالا من الناس يرمز في الباطن بهم لهم ويكنى عنهم بذكرهم في القرآن وفي الكلام ومن ذلك قول الله: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء} (٣) فأخبر تعالى جل من مخبر أن جميع الدواب والطير أمثال للعباد الآدميين فضرب من ذلك أمثالا كثيرة قد سمعتم بعضها وتسمعون من ذلك ما يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وقد سمعتم أن أمثال حشرات الأرض وخشاشها والهوام أمثال الحشو والرعاع من الناس وأن النحل أمثال المؤمنين.

ومن ذلك الحديث المأثور (٤): "المؤمنون كالنحل لو علمت الطير ما في بطونها لأكلتها" كذلك المؤمن لو علم الكافر ما فيه من الفضل والعلم والحكمة لقتله حسدا له والزنابير أمثال حشو أهل الباطل الذين يتشبهون بأهل الإيمان كما أن الزنبور يشبه النحل ويحكي صنعة بيتها الذي تصنعه بالشمع


(١) يوسف: ١٠٦.
(٢) تأويل الدعائم ص: ٤٨.
(٣) الأنعام: ٣٨.
(٤) قد يكون مأثورا عن علي أو جعفر الصادق أو غيرهما، وليس ذلك صريحا في نسبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يتبين من كلامه لمن تأمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>