للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الناحية العلمية فكانت في أوج ازدهارها، وكرم طبقة طلاب العلم تكريما يفوق الوصف خاصة في دولة الموحدين، أما طبقة الفقهاء والعلماء والقضاة فاحتلت منزلة رفيعة في المجتمع المغربي منذ قيام دولة المرابطين، وظهر لهم نفوذ في مجريات الأمور وخاصة في دولة المرابطين ويرجع السبب في ذلك إلى أن الدولتين قامتا على أساس ديني ودعوة إصلاحية، وتحقق لهم في ظل الدولتين مستوى مادي رفيع جدا كان له أبلغ الأثر على إثراء الانتاج العلمي في شتى مجالاته وفي مقدمتها مجال التفسير حيث زاد الاقبال على دراسة القرآن الكريم، باعتباره مصدر التشريع الأول في الدولتين وممن اشتهر من العلماء في تلك الحقبة أبو الحسن علي بن محمد الغرناطي المفسر نزيل مراكش، وكان عالما زاهدا يجتمع إليه الناس فيفسر لهم القرآن من أوله إلى آخره (١)، وأبو بكر محمد بن علي المعافري السبتي عرف بابن الجوزي، وله تفسير في القرآن (٢)، وعبدالجليل بن موسى الأنصاري الأوسي ت ٦٠٨ هـ وله تفسير القرآن (٣)، ومن التفاسير التي اعتنى بها المغاربة في تلك الفترة:

كتاب الوجيز لعبد الحق بن عطية ت ٥٤١ هـ (٤).

وكان من شيوخ المرابطين الشيخ أبو محمد يرزجان بن محمد الجزولي الضرير الذي قدم مراكش، وكان عالما فاضلا بصيرا بمذهب مالك صحب الإمام أبا بكر بن العربي صاحب أحكام القرآن (٥).

وقد أرسل أبو بكر بن العربي رسالة إلى الخليفة المستظهر العباسي يزكي فيها الأمير يوسف بن تاشفين عنده (٦).

وأما علم الحديث فنال عناية فائقة لاسيما في عصر الموحدين فبعد أن كان التركيز في عهد المرابطين على الموطأ أصبح الاهتمام بالحديث عموما السمة السائدة في عصر الموحدين، واهتم به الخلفاء اهتماما كبيرا، وكان بعضهم يقوم بإملاء الأحاديث بنفسه، وانتشرت المؤلفات فيه في ذلك العصر،


(١) التشوف ص: ٢٢٦.
(٢) النبوغ المغربي ١/ ٧٧، ٩٥.
(٣) العلوم والآداب ص: ٤٤٠.
(٤) عصر المنصور ص: ٢٤٧.
(٥) انظر: ترتيب المدارك ٣، ٤/ ٧٨٠، دور المرابطين ص: ١٤٣.
(٦) محققة مع كتاب دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ص: ١٨٢ - ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>