للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من عزم الأمور} (١) ولم يقل: شكروا، والشاكرين، واشكر!!

وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام الذي أنزل عليه الكتاب من رب الأرباب؟ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". (٢)

فهل هو مؤمن بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أم كلب من الكلاب بنص ... ؟

ولاشك أن هذا منهج سلوكي مصادم للفطرة، فإن الذي يشكر على المصيبة إنسان غير سوي، ويتضمن هذا الكلام نفي أصل العبادة وأمها وهو الدعاء لأن الذي يشكر على المصاب كيف يدعو برفعه؟ وفي ذلك حط من شأن الأنبياء الذين جابهوا المصائب بالدعاء بكشفها لا بالشكر عليها، وهذا التنطع معارضة للشريعة السمحة التي أعطت كل ذي حق حقه.

أما الإيثار فهو من دلائل الشكر على النعمة فليس ثمة تعارض أصلا.

وأما إشارياته فنتركها تتحدث عن نفسها وهي جلها منصبة على أهل خصوصية والمنكرين عليهم من أهل العلم أو العوام فهو يجعل فريق المؤمنين يراد به أهل الخصوصية وفريق الكافرين أو المنافقين يراد به أهل العلم أو عوام الناس. (٣)

وقد صرح بذلك في قوله:

اعلم أن قاعدة تفسير أهل الإشارة هي أن كل عقاب توجه لمن ترك طريق الإيمان وأنكر على أهله، يتوجه مثله لمن ترك طريق مقام الإحسان وأنكر على أهله وكل وعيد توعد به أهل الكفر حسي بدني، وعذاب أهل الحجاب معنوي قلبي، فنقول فيمن رضي بعيبه، وأقام على مرض قلبه، وأنكر الأطباء ووجود أهل التربية: بئسما اشتروا به أنفسهم وهو كفرهم بما أنزل الله من الخصوصية على قلوب أوليائه بغيا وحسدا، أو جهلا وسوء ظن أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب


(١) لقمان: ١٧.
(٢) أخرجه مسلم - كتاب الزهد والرقائق - باب المؤمن أمره كله خير ٤/ ٢٢٩٥ عن صهيب مرفوعا.
(٣) انظر كمثال ص: ٢٩، ٣٠، ٣٣، ٦٨، ٦٩، ٧٧، ٧٩، ٩٠، ١٢٠، ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>