للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاب على غضب البعد والارتياب، أو بغضب سقم القلوب، على غضب الإصرار على المساويء والعيوب من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصرا على الكبائر وهو لا يشعر كما قال الشاذلي - رضي الله عنه - ولا يصح يتغلغل فيه إلا بصحبة أهله وللكافرين بالخصوصية عذاب الطمع وسجن الأكوان وهما شجرتا الذل والهوان، وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله من أسرار الحقيقة وأنوار الطريقة، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا من ظواهر الشريعة، ويكفرون بما وراءه من أسرار ككشف أسرار الذات، وأنوار الصفات. (١)

أقول: وقد شابه هؤلاء في منهجهم ذلك الرافضة الذين جعلوا كل آية ذم في أبي بكر وعمر والصحابة رضوان الله عليهم، وكل آية ثناء في علي وآل البيت، فبئس الشبيه وبئس المشبه به.

قال:

والأحسن أن يقال: {غير المغضوب عليهم} (٢) هم الذين أوقف بهم عن السير أتباع الحظوظ والشهوات، فأوقعتهم في مهاوي العصيان والمخالفات {ولا الضالين} الذين حبسهم الجهل والتقليد، فلم تنفذ بصائرهم إلى إخلاص التوحيد، فنكصوا عن توحيد العيان إلى توحيد الدليل والبرهان، وهو ضلال عند أهل الشهود والعيان، ولو بلغ في الصلاح غاية.

وما أسوأ أحسنه!!

ويقول في قوله: {سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} (٣): فسبحان من حجب العالمين بصلاحهم عن مصلحهم، وحجب العلماء بعلمهم عن معلومهم، واختص قوما بنفوذ غرائبهم إلى مشاهدة ذات محبوبهم، فهم في رياض ملوكته يتنزهون، وفي بحار جبروته يسبحون {لمثل هذا فليعمل العاملون} (٤).

ويقول في قوله: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} (٥) وإذا قيل لمن يشتغل بالتعويق عن طريق الله، والإنكار على أولياء الله: أقصر من هذا الإفساد، وارجع عن هذا الغي والعناد، فقد ظهرت معالم الإرشاد لأهل المحبة والوداد، قال: إنما أنا مصلح ناصح، وفي أحوالي كلها صالح، يقول


(١) ص: ٧٨.
(٢) الفاتحة: ٧.
(٣) البقرة: ٦.
(٤) الصافات: ٦١.
(٥) البقرة: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>