للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق جل جلاله: بل أفسدت قلوب عبادي. ورددتهم عن طريق محبتي وودادي، وعوقتهم عن دخول حضرتي، وحضرتهم شهود ذاتي وصفاتي، سددت بأحبائي، آيستهم من وجود التربية، وتحكمت على القدرة الأزلية، ولكنك لا تشعر بما أنت فيه من البلية، ولقد صدق من سبقت له العناية، وأتحف بالرعاية والهداية حيث يقول:

فهذه طريقة الإشراق ... كانت وتبقى ما الوجود باق

وأنكروه ملأ عوام ... لم يفهموا مقصوده فهاموا

فتب أيها المنكر قبل الفوات واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات لئلا تلقي الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله الحظ الأوفر في الدنيا والآخرة، آمين. (١)

ويقول:

اعلم أن كثيرا من الناس يعتمدون على صحبة الأولياء، ويطلقون عنان أنفسهم في المعاصي والشهوات، ويقولون: سمعنا من سيدي فلان يقول: من رآنا لا تمسه النار، وهذا غلط وغرور، وقد قال عليه السلام لبنته: يافاطمة بنت محمد، لا أغنى عنك من الله شيئا، اشتري نفسك من الله، وقال للذي قال: ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال له: أعني على نفسك بكثرة السجود. نعم هذه المقالة إن صدرت من ولي متمكن مع الله فهي حق، لكن بشرط العمل ممن رآه بالمأمورات، وترك المحرمات، فإن المأمول من فضل الله ببركة أوليائه، أن يستقبل الله منه أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته، فإن الولياء المتمكنين اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده، وهو أن من تعلق بهم وتمسك بالشريعة شفعوا فيه والغالب على من صحب الأولياء المتمكنين الحفظ وعدم الإصرار، فمن كان كذلك لا تمسه النار، وفي الحديث إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب - يعني يلهم التوبة سريعا كما قيل لأهل بدر: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وقال في القصد: يبلغ الولي مبلغا يقال له: أصحبناك السلامة، وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ما شئت، ومصداقه قوله تعالى في حق سليمان عليه السلام: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} (٢) هذا إن كان


(١) ص: ٢٧.
(٢) ص: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>