للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهذا الكلام من ابن حبان يُحَمِّلُ وكيعًا التبعة في اختصاره، وسبق التعليق على هذا.
ومنهم من حمل الاختصار عاصم بن كليب، قال البيهقي في الخلافيات (٢/ ٣٦٠): أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: إن حديث الثوري عن عاصم بن كليب مختصر من أصله، وعاصم بن كليب لم يخرج حديثه في الصحيح؛ وذلك أنه كان يختصر الأخبار يؤديها على المعنى، وهذه اللفظة: (لم يعد) غير محفوظة في الخبر». انتهى.
فقول الحاكم: أن حديث الثوري مختصر من أصله، يوافق كلام أبي داود وابن حبان، أن الحديث مختصر من أصل طويل
وقوله: (لم يخرج له في الصحيح) يريد صحيح البخاري، فقد روى له مسلم.
وكونه لم يخرج له الإمام البخاري لا يلزم منه التضعيف، فقد وثقه ابن معين، وقال أحمد في رواية الميموني: ثقة، وقال أبو بكر الأثر عن أحمد: لا بأس بحديثه، ومر معنا أن الدارقطني قال عن رواية ابن إدريس، عن عاصم: إسناده صحيح.
كما لا يوافق الحاكم على أن المختصر هو عاصم بن كليب، لأن رواية ابن إدريس عن عاصم تبرئ عاصمًا من الخلل في اختصار الحديث.
وقول الإمام الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن كما في السنن (٢/ ٤١)، فالحسن عند الترمذي هو الحديث الضعيف إذا جاء من أكثر من وجه، ولم يكن في رواته متهم، فهو اصطلاح خاص له.
بقي لنا من تخريج الحديث أن نذكر رواية علقمة الطويلة في التطبيق، والتي اختصر منها هذا الحديث، وجعلت العلماء يقدمون رواية ابن إدريس على رواية سفيان الثوري مع إمامته وإتقانه.
فقد روى مسلم في صحيحه (٢٨ - ٥٣٤) من طريق إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، أنهما دخلا على عبد الله، فقال: أَصَلَّى من خلفكم؟ قالا: نعم، فقام بينهما، وجعل أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا، فضرب أيدينا، ثم طبق بين يديه، ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلى قال: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه مسلم (٢٦ - ٥٣٤) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، قالا: أتينا عبد الله بن مسعود في داره، فقال: أَصَلَّى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا. قال: فقوموا، فصلوا. فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة. قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا، فجعل أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، قال: فلما ركع، وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا، وطبق بين كفيه، ثم أدخلهما بين فخذيه، قال: فلما صلى، قال: إنه ستكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها، ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك؛ فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعًا، وإذا كنتم أكثر من ذلك؛ فليؤمكم أحدكم، وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه، وليجنأ، وليطبق بين كفيه، فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأراهم.
فإن قيل: لعل حديث عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن ابن مسعود، ليس هو حديث إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود.
فالجواب أن الدارقطني قد ذكر في العلل (٥/ ١٧٢): أن أبا بكر النَّهْشَلي رواه عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه وعلقمة، عن عبد الله.
والنَّهْشَلي قد روى له مسلم، ووثقه أحمد، وقال ابن معين كما في تاريخه رواية الدوري (٢٣٤٨): كوفي ثقة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>