للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثالث:

(ح-١٦٣١) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عطاء،


= رواه البخاري، وسبق تخريجه، انظر (ح ١٦٢٩)، فهل حمل عبيد الله بن عمر رواية الزهري على رواية نافع، واختلط عليه الأمر، أم أن تفرده بمثل هذا يحتمل له لضبطه وإتقانه ما لا يحتمل لغيره، وإن كنت أميل للأول، وأن الرفع ليس محفوظًا من رواية الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، والثقة مهما يبلغ قد يهم، ومتابعة عبد الله بن عمر العمري لا تجعل كفته راجحة؛ لضعفه، وقد خالف عبيد الله وأخوه الطبقة الأولى من أصحاب الزهري على رأسهم مالك، وابن عيينة، ويونس بن يزيد، وعقيل، ومعمر، وشعيب، والزبيدي، وابن جريج، فمن بقي من أصحاب الزهري من الطبقة الأولى لم يخالفهم عبيد الله؟ فإذا اتفق هؤلاء وغيرهم على رواية الحديث عن الزهري، فلم يذكروا هذا الحرف في روايته، وأكثرهم روايته مخرجة في الصحيحين أو في أحدهما، كان الجمع مقدمًا على الواحد، وإن كان ذلك مثل عبيد الله ابن عمر، وقد تحاشى البخاري ومسلم إخراج رواية عبيد الله عن الزهري، وخرج البخاري رواية عبيد الله ابن عمر عن نافع، فلعل ترك الشيخين لروايته عن الزهري بسبب تفرده، ومخالفته لأصحاب الزهري، والله أعلم.
فإن قيل: إن ابن حجر قد نقل في الفتح (٢/ ٢٢٢)، والعراقي في طرح التثريب (٢/ ٢٦٤) عن البخاري قوله: «ما زاده ابن عمر، وعلي، وابن حميد في عشرة من الصحابة: من الرفع عند القيام من الركعتين صحيح؛ لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة، فاختلفوا فيها، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم».
فالجواب قد يكون قصد البخاري ثبوت ذلك عن ابن عمر بما أخرجه في صحيحه من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا لا نزاع فيه، ولا يلزم من ذلك أن يكون الرفع محفوظًا من طريق عبيد الله، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ لأنك لا تستطيع أن تتجاهل إطباق أصحاب الزهري على روايتهم لحديثه دون هذه الزيادة، فلو كانت محفوظة أيغفلها كلهم، ويحفظها عبيد الله بن عمر وحده، والله أعلم.
قال النسائي كما في تحفة الأشراف (٦٨٧٦) ط دار الغرب: لم يذكره عامة الرواة عن الزهري، وعبيد الله ثقة، ولعل الخطأ من غيره. اهـ
ونقل المزي عن حمزة الكناني أنه قال: لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث: (وإذا قام من الركعتين) غير معتمر، عن عبيد الله، وهو خطأ، وبالله التوفيق».
وكلامه صحيح إلا أن حمله التفرد على معتمر غير صحيح، فالحمل فيه ليس من قبل الرواة عن عبيد الله، بل هو من عبيد الله نفسه؛ لأن معتمرًا قد توبع، فخرج من العهدة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>