للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقد تفرد عبد الحميد بن جعفر في ذكر الرفع إذا قام من الركعتين، وهو أحسن أحواله أن يكون صدوقًا، أتكون زيادته من زيادة الثقة، أم تكون زيادته شاذة، لعلتين: التفرد، والمخالفة.
أما التفرد فلأنه لم يذكر هذا الحرف من حديث أبي حميد من غير طريقه.
وأما المخالفة فقد شاركه بالرواية عن شيخه محمد بن عمرو بن حلحلة، وهو أوثق منه، وروى الحديث بتمامه، ولم يذكر هذا الحرف، وأخرج البخاري رواية محمد بن عمرو بن حلحلة، ولم يخرج رواية عبد الحميد بن جعفر، لأن عبد الحميد ليس على شرطه، وترك تخريجه الإمام مسلم، وهو على شرطه، وقد روى مسلم لعبد الحميد بن جعفر ما يقارب عشرين حديثًا، بعضها في الشواهد والمتابعات، وترك تخريج هذا الحديث.
كما روى الحديث عباس بن سهل، عن أبي حميد الساعدي، فلم يذكر هذا الحرف، فليس عبد الحميد بن جعفر ممن تحتمل له المخالفة والتفرد، ولعل من صحح الحديث من الأئمة أراد بعضهم من ذلك في الجملة أي فيما توبع عليه عبد الحميد بن جعفر دون ما تفرد به مخالفًا لغيره، والله أعلم، فليس النزاع في صحة حديث أبي حميد الساعدي، وقد رواه البخاري في صحيحه، وإنما الاجتهاد في النظر فيما زاده عبد الحميد دون غيره، مخالفًا لرواية صحيح البخاري، ومخالفًا لكل من رواه، فالبحث في الحديث لا يُطوَّع للفقه، وإنما الفقه تابع وثمرة للبحث الحديثي، ولعل امتناع الإمام أحمد في نفسه عن الرفع في هذا الموضع وعدم نهيه لغيره عن الرفع يدلك على أن المقام مقام يعذر فيه المخالف، لوجود هذه الأحاديث، وما اختاره الإمام أحمد لنفسه هو ما تميل له نفسي، وأن أدلة الرفع في هذا الموضع ليست كأدلة الرفع في الركوع والرفع منه تتابعت على سنيتها أحاديث كالشمس، وهي سالمة في أسانيدها عن الاختلاف، وما يعارضها من أحاديث أخرى لا تثبت، ولا تقوى على مخالفتها، والله أعلم.
هذا الكلام على طريق عبد الحميد بن جعفر من حيث الإجمال، وإليك التفصيل:
الحديث رواه عن عبد الحميد بن جعفر يحيى بن سعيد القطان، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد، وأبو أسامة، حماد بن أسامة، وهشيم بن بشير، وعبد الملك بن الصباح المسمعي.
أما رواية يحيى بن سعيد القطان، فرواه عن عبد الحميد بن جعفر، واختلف عليه:
فرواه أحمد في المسند (٥/ ٤٢٤)،
ومحمد بن بشار كما في سنن الترمذي (٣٠٤)، وابن ماجه (٨٦٢)، وسنن النسائي (١١٨١) وفي الكبرى له (١١٨٦)، وابن خزيمة (٥٨٧، ٦٥١، ٦٨٥).
ومحمد بن المثنى مقرونًا بابن بشار كما في سنن الترمذي (٣٠٤).
ومسدد مقرونًا بأبي عاصم، كما في سنن أبي داود (٧٣٠).
ويحيى بن حكيم كما في مسند البزار (٣٧١١)، رووه عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الحميد بن جعفر به، بذكر رفع اليدين من القيام من الركعتين.
وفيه عند أحمد والترمذي والبزار ( ... حتى إذا قام من السجدتين كبَّر، ورفع يديه حتى =

<<  <  ج: ص:  >  >>