الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب من أروع ما وصل إلينا من مؤلفات الإمام ابن القيم ﵀، جمع فيه ألوانًا من الفوائد واللطائف والعبر والمواعظ والنكت والدقائق والملاحظات والأفكار في فنون مختلفة، ولم يُرتِّبه على الموضوعات والأبواب، ويبدو أنه خصَّص كُنّاشًا أو دفترًا لتسجيل هذه الخواطر والفوائد المتفرقة، وأدرج فيه ما استحسن منها في فترات مختلفة من حياته. وطريقته فيه أنه يبدأ كل فائدة وبحث بكلمة: فصل أو قاعدة أو فائدة أو تنبيه، ويورد تحتها من بنات فكره أو من الكلمات المأثورة عن السلف أو من الأبيات والحكم المنثورة ما يعتبرها خير معين لمن يريد طريق النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
ويحتوي الكتاب على موضوعات عديدة في التوحيد والعقيدة، فيذكر أن معرفة الله تحصل بالنظر في مفعولاته والتفكر في آياته وتدبرها (ص ٢٨)، وأتمّ الناس معرفةً به من عرفه بكماله وجلاله وجماله (ص ٢٦٤)، ومعرفة الله نوعان: معرفة إقرار يشترك فيها المطيع والعاصي، ومعرفة توجب الحياء منه والمحبة له والإنابة إليه، وهي المعرفة الخاصة (ص ٢٤٨). وبيَّن المؤلف تفاوت الناس في التوحيد (ص ٢٨٢) وفوائد التوحيد في الدنيا والآخرة (ص ٧٢) وأن راحة القلب والبدن في طاعة الله (ص ٢٩٣)، وذكر