للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطيباتُ الدنيا ولذَّاتُها نِعمَ العونُ لمن صح طلبه لله والدار الآخرة وكانت همتُه لما هناك، وبئسَ القاطعُ لمن كانت هي مقصوده وهمته وحولها يُدَندِن. وفواتُها في الدنيا نعم العونُ لطالب الله والدار الآخرة، وبئسَ القاطع للنازعِ من الله والدار الآخرة.

فمن أخذ منافع الدنيا على وجهٍ لا ينقص حظّه من الآخرة ظَفِرَ بهما جميعًا، وإلَّا خَسِرَهما جميعًا.

سبحان الله رب العالمين!

لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلَّا إقامةُ المروءة، وصونُ العِرض، وحفظُ الجاه، وصيانةُ المال الذي جعله الله قِوامًا لمصالح الدنيا والآخرة، ومحبةُ الخلق، وجوازُ القول بينهم، وصلاحُ المعاش، وراحةُ البدن، وقوةُ القلب، وطيب النفس، ونعيم القلب، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفُسَّاق والفُجَّار، وقلةُ الهمّ والغمّ والحزن، وعزُّ النفس عن احتمال الذُّلِّ، وصونُ نور القلب أن تُطفئهُ ظلمةُ المعصية، وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسبُ، وتيسير ما عَسُرَ على أرباب الفسوق والمعاصي، وتسهيل الطاعات عليه، وتيسير العلم، والثناء الحسن في الناس، وكثرة الدُّعاء له، والحلاوةُ التي يكتسبها وجهه، والمهابةُ التي تُلقى له في قلوب الناس، وانتصارُهم وحميتُهم له إذا أُوذي وظُلِم، وذبُّهم عن عِرْضِه إذا اغتابه مغتابٌ، وسرعة إجابة دعائه، وزوال الوحشة التي بينه وبين الله، وقُربُ الملائكة منه، وبعدُ شياطين الإنس والجنِّ منه، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه، وخطبتهم لمودَّته وصحبته، وعدم خوفه من الموت بل يفرح به لقدومه على ربِّه

<<  <  ج: ص:  >  >>