للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحزن، وإن كان من مستقبل؛ أحدث الهمَّ، وإن كان من أمرٍ حاضرٍ؛ أحدث الغَمَّ. والله أعلم.

فائدة

أنزَهُ الموجودات وأطهَرُها وأنوَرُها وأشرفُها وأعلاها ذاتًا وقَدْرًا وأوسعُها عرشُ الرحمن ، ولذلك صلح لاستوائه عليه.

وكلُّ ما كان أقربَ إلى العرش؛ كان أنور وأنْزَه وأشرف مما بعدَ عنه. ولهذا كانت جنةُ الفردوسِ أعلى الجِنانِ وأشرفها وأنورها وأجلَّها؛ لقُربِها من العرش؛ إذ هو سَقْفُها (١).

وكلُّ ما بعدَ عنه كان أظلم وأضيق. ولهذا كان أسفل سافلينَ شرَّ الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كلِّ خيرٍ.

وخَلَق الله القلوب وجعلها محلًّا لمعرفتِهِ ومحبَّتِهِ وإرادتِهِ؛ فهي عرشُ المثل الأعلى الذي هو معرفتُه ومحبتُه وإرادتُه. قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠)[النحل: ٦٠]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)[الروم: ٢٧]، وقال تعالى: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ﴾ [الشورى: ١١]؛ فهذا من المثل الأعلى، وهو مستوٍ على قلب المؤمن؛ فهو عرشُه. وإن لم يكن أطهرَ الأشياء وأنزهَها وأطيَبها وأبعدَها من كل دنس وخبث؛ لم يصلُحْ لاستواء، المثل الأعلى عليه معرفةً ومحبةً وإرادةً، فاستوى


(١) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (٧٤٢٣) عن أبي هريرة مرفوعًا، وفيه: "فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>