للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسيئًا أو مفرِّطًا أو مقصِّرًا، فيرى كلَّ ما يَسُرُّه من فضل ربِّه عليه وإحسانه إليه وكلَّ ما يسوؤهُ من ذنوبه وعدل الله فيه.

المحبُّون إذا خربتْ منازلُ أحبابهم؛ قالوا: سَقْيًا لِسُكَّانِها.

وكذلك المُحبُّ إذا أتت عليه الأعوامُ تحت التُّراب؛ ذكر حينئذٍ حسن طاعته له في الدُّنيا وتودُّدِهِ إليه [و] تجدُّدَ رحمتِهِ وسقياهُ لمن كان ساكنًا في تلك الأجسام البالية.

فائدة

الغَيرَةُ غيرتان: غيرةٌ على الشيء، وغيرةٌ من الشيءِ.

فالغيرةُ على المحبوب: [حرصُكَ عليه] (١)، والغيرةُ من المكروه أن يُزاحِمَك عليه.

فالغيرة على المحبوب لا تتمُّ إلا بالغيرة من المزاحم.

وهذه تُحمدُ حيثُ يكونُ المحبوبُ تقبُحُ المشاركةُ في حبِّهِ؛ كالمخلوق.

وأما من تحسُنُ المشاركةُ في حُبِّه؛ كالرسول والعالم بل الحبيب القريب سبحانه؛ فلا يُتَصوَّرُ غيرَةُ المزاحمة عليه، بل هو حسدٌ! والغيرةُ المحمودةُ في حقِّه أن يَغارَ المحبُّ على محبَّتِهِ له أن يصرِفَها إلى غيره، أو يَغار عليها أن يطَّلعَ عليها الغيرُ فيُفسِدَها عليه، أو يغارَ على أعمالِهِ أن يكون فيها شيءٌ لغير محبوبه، أو يَغار عليها أن يشوبَها ما يكرهُ محبوبُه من رياءٍ أو إعجابٍ أو محبَّةٍ لإشرافِ غيرهِ عليها أو غيبتِهِ عن شُهودِ مِنَّتِهِ


(١) من ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>