للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم اللطيفُ الخبيرُ الدواءَ على أيدي أطباءِ الوجودِ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣)[طه: ١٢٣]، فحماهم الطبيب بالمناهي، وحَفِظَ القوةَ بالأوامر، واستفرغ أخلاطَهم الرديئة بالتوبة، فجاءت العافية من كلِّ ناحية.

فيا من ضَيَّع القوةَ ولم يحفظها، وخَلَّط في مرضه وما احتمى ولا صبرَ على مرارة الاستفراغ! لا تُنْكرْ قُربَ الهلاك؛ فالداء مترامٍ إلى الفساد! لو ساعدَ القدرُ فأعنتَ الطبيبَ على نفسك بالحِمْيةِ من شهوةٍ خسيسةٍ؛ ظَفِرْتَ بأنواع اللَّذَّات وأصنافِ المشتهيات، ولكن بُخار الشهوة غطَّى عينَ البصيرة، فظننتَ أنَّ الحزم بيعُ الوعدِ بالنقدِ.

يا لها بصيرةً عمياء! جَزِعَتْ من صبر ساعةٍ، واحتملتْ ذُلَّ الأبد! سافرتْ في طلب الدُّنيا وهي عنها زائلةٌ، وقعدتْ عن السفر إلى الآخرة وهي إليها راحلةٌ.

إذا رأيتَ الرجل يشتري الخسيسَ بالنفيسِ، ويَبيعُ العظيمَ بالحقير؛ فاعلمْ بأنَّه سفيهٌ.

فصل

• لمَّا سَلِمَ لآدمَ أصلُ العبودية لمَ يقْدَحْ فيه الذنبُ.

"ابْنَ آدمَ! لوْ لَقِيتَني بقُرابِ الأرض خطايا، ثُمَّ لقيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئًا؛ لقيتُكَ بِقُرابِها مغفرةً" (١).

• لمَّا عَلِمَ السيِّدُ أنَّ ذنبَ عبدِهِ لم يكنْ قصدًا لمخالفتِهِ ولا قدحًا في


(١) أخرجه مسلم (٢٦٨٧) من حديث أبي ذر المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>