للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعدوه يطرح النارَ في نعمه وهو ينفخ فيها؛ فهو الذي مكَّنه من طرح النارِ ثم أعانهُ بالنفخ؛ فإذا اشتد ضرامُها استغاثَ [من] الحريق، وكان غايته معاتبة الأقدار:

وعاجزُ الرأي مِضياعٌ لفرصته … حتَّى إذا فاتَ أمرٌ عاتبَ القدرا (١)

فصل

من أعز أنواع المعرفة معرفة الرب سبحانه بالجمال، وهي معرفة خواصِّ الخلق، وكلهم عرفه بصفة من صفاته، وأتمُّهم معرفةً من عرفه بكماله وجلاله وجماله، سبحانه ليس كمثله شيءٌ في سائر صفاته.

ولو فرضتَ الخلقَ كلهم على أجملهم صورةً، وكلهم على تلك الصورة، ونسبتَ جمالهم الظاهر والباطن إلى جمال الرب سبحانه؛ لكان أقلَّ من نسبة سراج ضعيف إلى قُرْصِ الشمس.

ويكفي في جماله أنه لو كشفَ الحجابَ عن وجهه لأحرقتْ سُبُحاتُه ما انتهى إليه بصره من خلقه (٢).

ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته؛ فما الظنُّ بمن صدر عنه هذا الجمال؟!

ويكفي في جماله أنه له العزة جميعًا، والقوة جميعًا، والجود كله، والإحسان كله، والعلم كله، والفضل كله، ولنور وجهه أشرقت


(١) البيت ليحيى بن زياد في معجم الشعراء (ص ٤٩٨)، وللخليل بن أحمد في المنتحل (ص ١٣٩)، وبلا نسبة في البيان والتبيين (٢/ ٣٥٠) وعيون الأخبار (١/ ٣٤، ٢/ ١٤١) والعقد الفريد (١/ ٦٤)
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (١٧٩) عن أبي موسى الأشعري.

<<  <  ج: ص:  >  >>