للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوارح فيُفسدُ عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله، فيَعُمُّ الكذبُ أقواله وأعمالَه وأحوالَه، فيَستحكِمُ عليه الفسادُ ويَترامَى داؤه إلى الهلكة إن لم يتداركه الله بدواء الصدقِ يَقلَعُ تلك المادَّة من أصلها.

ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلِّها الصدق، وأضدادُها من الرِّياء والعُجْب والكبر والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجُبن والمهانة وغيرها أصلها الكذبُ؛ فكلُّ عمل صالح ظاهرٍ أو باطنٍ فمنشؤهُ الصدق، وكل عمل فاسدٍ ظاهرٍ أو باطنٍ فمنشؤهُ الكذبُ.

والله تعالى يعاقب الكذابَ بأن يُقعِده ويُثبِّطه عن مصالحه ومنافعه، ويُثيِب الصادقَ بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته؛ فما استُجِلبَتْ مصَالحُ الدُّنيا والآخرة بمثل الصدق، ولا مفاسدُهما ومضارُّهما بمثل الكذب.

قال تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)[التوبة: ١١٩].

وقال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ﴾ [المائدة: ١١٩].

وقال: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ﴾ [محمد: ٢١].

وقال: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٠)[التوبة: ٩٠].

فصل

في قوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>