المنهياتُ شرورٌ وتُفضي إلى الشرور، والمأموراتُ خيرٌ وتُفضي إلى الخيرات، والخيرُ بيديه سبحانه والشرُّ ليس إليه (١)؛ فإنَّ الشرَّ لا يدخلُ في صفاته ولا في أفعاله ولا في أسمائه، وإنما هو في المفعولات، مع أنه شرٌّ بالإضافة والنسبة إلى العبد، وإلَّا من حيثُ إضافتهُ ونسبتهُ إلى الخالق سبحانه فليس بشرٍّ من هذه الجهة.
فغايةُ ارتكاب المنهيِّ أن يوجب شرًّا بالإضافة إلى العبد مع أنه في نفسه ليس بشرٍّ، وأما فواتُ المأمور فيفوتُ به الخيرُ الذي بفواته يحصُلُ ضدُّه من الشر، وكما كان المأمور أحبَّ إلى الله سبحانه؛ كان الشرُّ الحاصلُ بفواته أعظم؛ كالتوحيد والإيمان.
وسرُّ هذه الوجوه: أنَّ المأمور به محبوبُهُ والمنهيَّ مكروهُهُ، ووقوعُ محبوبه أحبَّ إليه من فوات مكروهه، وفواتُ محبوبه أكرهُ إليه من وقوع مكروهه.