للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عائد، وهوًى مستيقظ، وعقلٍ راقدٍ؛ ساهيًا في غَمْرَتِهِ، عَمِهًا في سكرتِهِ، سابحًا في لُجَّةِ جهلِهِ، مستوحشًا من ربِّهِ، مستأنِسًا بخَلْقِهِ، ذِكْرُ الناس فاكهتُهُ وقوتُه، وذِكْرُ الله حبْسُهُ ومَوْتُهُ، لله منه جزءٌ يسيرُ من ظاهرِهِ، وقلبُهُ ويقينُهُ لغيرِهِ؟!

لا كانَ مَنْ لِسِواك فيهِ بَقِيَّةٌ … يَجِدُ السَّبيلَ بِها إليهِ العُذَّلُ (١)

فصل

كان أولَ المخلوقاتِ القلمُ؛ لِيَكْتُبَ المقاديرَ قبل كونِها (٢).

وجُعِلَ آدمُ آخرَ المخلوقاتِ، وفي ذلك حِكَمٌ:

إحداها: تمهيدُ الدَّارِ قبل الساكنِ.

الثانية: أنَّه الغايةُ التي خُلِقَ لأجلها ما سواهُ من السماواتِ والأرض والشمس والقمر والبَرِّ والبحر.

الثالثةُ: أنَّ أحذقَ الصُنَّاعِ يَختِمُ عملَه بأحسنِهِ وغايتِهِ كما يبدؤُهُ بأساسه ومبادئِهِ.

الرابعة: أنَّ النفوس متطلِّعةٌ إلى النهايات والأواخرِ دائمًا، ولهذا قال موسى للسَّحَرةِ أولًا: ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠)[يونس: ٨٠]، فلما رأى الناسُ فعلَهم تطلَّعوا إلى ما يأتي بعده.

الخامسة: أنَّ الله سبحانه أخَّرَ أفضلَ الكُتُبِ والأنبياء والأمم إلى آخر


(١) البيت بلا نسبة في طريق الهجرتين (٢/ ٥٠٣).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٧) وأبو داود (٤٧٠٠) والترمذي (٢١٥٥، ٣٣١٩) من حديث عبادة بن الصامت، وهو صحيح بطرقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>