للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الدُّنيا مجازٌ، والآخرةُ وطنٌ، والأوطارُ إنَّما تُطلَبُ في الأوطان.

• الاجتماعُ بالإخوانِ قسمانِ:

أحدُهُما: اجتماعٌ على مؤانسةِ الطبع وشُغْل الوقتِ؛ فهذا مَضَرَّتُهُ أرجحُ من منفعتِهِ، وأقلُّ ما فيه أنَّه يُفْسِدُ القلبَ ويُضيِّعُ الوقتَ.

الثاني: الاجتماعُ بهم على التعاونِ على أسباب النَّجاةِ والتَّواصي بالحقِّ والصبر؛ فهذا من أعظم الغنيمةِ وأنفعها، ولكنَّ فيه ثلاث آفاتٍ: إحداها: تزيُّنُ بعضهم لبعضٍ. الثانيةُ: الكلامُ والخِلْطة أكثر من الحاجةِ. الثالثةُ: أن يصيرَ ذلك شهوةً وعادةً ينقطعُ بها عن المقصود.

وبالجملةِ فالاجتماعُ والخِلْطَةُ لِقاحٌ: إما للنفس الأمَّارةِ، وإما للقلبِ والنفس المطمئنَّةِ، والنتيجةُ مستفادةٌ من اللِّقاحِ؛ فمن طابَ لِقاحُهُ طابتْ ثمرتُهُ. وهكذا الأرواح الطيبةُ لِقاحُها من المَلكِ، والخبيثةُ لِقاحُها من الشيطان، وقد جعلَ الله سبحانه بحكمتِهِ الطَّيِّباتِ للطَّيِّبين والطَّيِّبينَ للطَّيِّباتِ، وعَكْسَ ذلك.

قاعدة

ليس في الوجود الممكن سببٌ واحدٌ مستقلٌّ بالتأثير، بل لا يُؤثِّرُ سببٌ البتةَ إلا بانضمامِ سببٍ آخر إليه وانتفاءِ مانع يمنعُ تأثيرهُ. هذا في الأسباب المشهودة بالعيان وفي الأسباب الغائبة والأسباب المعنويَّةِ؛ كتأثير الشمس في الحيوان والنباتِ؛ فإنَّه موقوفٌ على أسباب أخر من وجود محلٍّ قابل وأسبابٍ أخَرَ تنضمُّ إلى ذلك السبب، وكذلك حصولُ الولد موقوفٌ على عدةِ أسَبابٍ غيرِ وطءِ الفَحْل، وكذلك جميعُ الأسباب مع مسبَّباتها. فكل ما يُخافُ ويُرْجَى من المخلوقاتِ؛ فأعلى غاياتِهِ أن

<<  <  ج: ص:  >  >>