للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكمالٌ تُشاركُك فيه البهائمُ وتَزِيدُ عليك وتَختصُّ عنك فيه بسلامة العاقبةِ حقيقٌ أن تَهْجُرَهُ إلى الكمالِ الحقيقيِّ الذي لا كمالَ سواهُ.

وبالله التوفيق.

فائدة جليلة

إذا أصبحَ العبدُ وأمسَى وليس هَمُّه إلا الله وحده؛ تَحَمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ، وفرَّغَ قلبَه لمحبَّتِه ولسانَه لذكرِه وجوارحَه لطاعتِه.

وإن أصبح وأمسى والدُّنيا همُّهُ؛ حَمَّلهُ اللهُ همومَها وغُمومَها وأنكادَها، وَوَكَلَه إلى نفسه، فشَغَلَ قلبَه عن محبَّتِهِ بمحتَّةِ الخلق، ولسانَهُ عن ذكرِه بذكرهم، وجوارحَه عن طاعتِه بخدمتهم وأشغالهم؛ فهو يَكْدَحُ كَدْحَ الوحشِ في خدمة غيره؛ كالكِيرِ ينفُخ بطنَه ويَعصرُ أضالِعَه في نفعِ غيره.

فكلُّ من أعرضَ عن عبوديَّةِ اللهِ وطاعتِه ومحبَّتِهِ بُلِيَ بعبوديَّة المخلوق ومحبَّتِه وخدمتِه.

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)[الزخرف: ٣٦].

قال سفيانُ بن عُيينة: لا تأتون بمثل مشهور للعرب إلَّا جئتُكُمْ به من القرآن. فقال له قائلٌ: فأين في القرآن: أعْطِ أخاك تمرةً؛ فإن لم يَقبلْ فأعطِه جَمْرةً؟ فقال: في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا﴾ الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>