للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة.

ولما فَزِعَ إليه فرعونُ عند معاينةِ الهلاكِ وإدراكِ الغَرَقِ لم يَنْفَعْهُ؛ لأنَّ الإيمان عند المعاينةِ لا يُقْبَلُ.

هذه سُنَّةُ الله في عبادِهِ؛ فما دُفِعَتْ شدائدُ الدُّنيا بمثل التوحيد، ولذلك كان دعاءُ الكَرْبِ بالتوحيد (١)، ودعوةُ ذي النونِ التي ما دعا بها مكروبٌ إلَّا فرَّج الله كَرْبَهُ بالتوحيد (٢).

فلا يُلْقي في الكُرَب العظام إلا الشِّرْكُ، ولا يُنجي منها إلا التوحيدُ؛ فهو مفزَعُ الخليقةِ وملجؤُها وحِصْنُها وغِياثُها.

وبالله التوفيق.

فائدة

اللذةُ تابعةٌ للمحبَّةِ؛ تَقْوى بقوَّتِها، وتَضْعُفُ بضَعْفِها؛ فكلَّما كانت الرغبةُ في المحبوب والشوقُ إليه أقوى كانتِ اللَّذَّةُ بالوصول إليه أتمَّ.

والمحبةُ والشوقُ تابعٌ لمعرفتِهِ والعلم به؛ فكلَّما كان العلمُ به أتَمَّ؛ كانتْ محبتُهُ أكملَ.

فإذا رجع كمالُ النعيم في الآخرة وكمالُ اللَّذَّةِ إلى العلم والحُبِّ؛ فمَن كان بالله وأسمائِهِ وصفاتِهِ ودينهِ أعرف كان له أحبَّ، وكانت لذَّتُه


(١) أخرجه البخاري (٦٣٤٥) ومسلم (٢٧٣٠) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ١٧٠) والترمذي (٣٥٠٥) والطبراني في "الدعاء" (١٢٤) والحاكم (١/ ٥٠٥) عن سعد بن أبي وقاص، وله شواهد عن عدد من الصحابة، فالحديث صحيح بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>