للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عباس روايةٌ ثالثةٌ: أنَّه التسبيحُ باللسانِ أدبارَ الصَّلَواتِ المكتوبات (١).

ثم ختَمَ السورة بذكر المعاد، ونداءِ المنادي برجوع الأرواح إلى أجسادها للحشر، وأخبرَ أنَّ هذا النداء من مكانٍ قريبٍ يَسمعُه كلُّ أحدٍ، ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيحَةَ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٤٢]: بالبعث ولقاء الله، ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ﴾ كما تَتشقَّقُ عن النباتِ، فيَخرُجونَ ﴿سِرَاعًا﴾ من غير مُهلةٍ ولا بُطءٍ، ذلك حشرٌ يَسيرٌ عليه سبحانَه.

ثم أخبر سبحانه أنَّه عالمٌ بما يقولُ أعداؤه، وذلك يَتضمَّنُ مُجازاتَهُ لهم بقولِهِم إذ لم يخْفَ عليه، وهو سبحانَه يذكُر علمَه وقدرتَه لتحقيقِ الجزاءِ.

ثم أخبره (٢) أنَّه ليس بمسلَّطٍ عليهم ولا قهَّارٍ ولم يُبْعَثْ لِيُجْبِرَهُم على الإسلام ويُكْرِهَهُم عليه، وأمَرَهُ أن يُذَكِّرَ بكلامِهِ مَنْ يَخافُ وعيدَه؛ فهو الذي ينتفعُ بالتذكير، وأما مَنْ لا يؤمنُ بلقائِهِ ولا يخافُ وعيدَه ولا يرجو ثوابَه؛ فلا ينتفع بالتذكير.

فائدة

قول النبيِّ لعمرَ: "وما يُدْرِيك أنَّ الله اطَّلَعَ على أهْلِ بَدْرٍ، فقالَ: اعْمَلُوا ما شئْتُم؛ فقدْ غَفَرْتُ لكُم؟! " (٣) أشْكَلَ على كثيرٍ من الناس


(١) انظر تفسير الطبري (٢١/ ٤٧٣) وابن كثير (٧/ ٣٢٩٨).
(٢) أي أخبر نبيَّه أنه غير مسلَّط عليهم.
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٧٤، ٤٨٩٠) ومسلم (٢٤٩٤) من حديث علي .

<<  <  ج: ص:  >  >>