هو، فيحبه لإحسانه وإنعامه ويحمده على ذلك؛ فيحبه من الوجهين جميعًا.
وكما أنه ليس كمثله شيءٌ؛ فليس كمحبته محبةٌ.
والمحبة مع الخضوع هي العبودية التي خلق الخلق لأجلها؛ فإنها غاية الحب بغاية الذُّل، ولا يصلح ذلك إلا له سبحانه، والإشراك به في هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله ولا يقبل لصاحبه عملًا.
وحمده يتضمن أصلين: الإخبار بمحامده وصفات كماله، والمحبة له عليها؛ فمن أخبر بمحاسن غيره من غير محبة له لم يكن حامدًا، ومن أحبه من غير إخبار بمحاسنه لم يكن حامدًا؛ حتى يجمع الأمرين.
وهو سبحانه يَحمد نفسَه بنفسه، ويَحمد نفسَه بما يُجرِيه على ألسنة الحامدين له من ملائكته وأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين؛ فهو الحامد لنفسه بهذا وهذا؛ فإن حمدهم له بمشيئته وإذنه وتكوينه؛ فإنه هو الذي جعل الحامد حامدًا والمسلم مسلمًا والمصلي مصليًا والتائب تائبًا؛ فمنه ابتدأت النعم وإليه انتهت، فابتدأت بحمده وانتهت إلى حمده، وهو الذي ألهم عبده التوبة وفرح بها أعظمَ فرح وهي من فضله وجوده، وألهم عبدَه الطاعةَ وأعانَه عليها ثم أثابهُ عليها وهي من فضله وجوده.
وهو سبحانه غني عن كل ما سواه بكل وجه، وما سواه فقيرٌ إليه بكل وجه، والعبد مفتقر إليه لذاته في الأسباب والغايات؛ فإن ما لا يكون به لا يكون، وما لا يكون له لا ينفع.