للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يشعُر به.

وأيضًا فإن قوة الإيمان والتوحيد إذا كانت قويةً جدًّا أحالتْ الموادَّ الرديئة وقهرتْها؛ بخلاف القوة الضعيفة.

وأيضًا فإن صاحب المحاسن الكثيرة والغامرة للسيئات يُسامَحُ بما لا يُسامَح به من أتى مثل تلك السيئات وليست له مثل تلك المحاسن؛ كما قيل:

وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ … جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيعِ (١)

وأيضًا فإن صدق الطلب وقوة الإرادة وكمال الانقياد يُحيل تلك العوارض والغواشي الغريبة إلى مقتضاه وموجبه؛ كما أن الكذب وفساد القصد وضعف الانقياد يُحيل الأقوال والأفعال الممدوحة إلى مقتضاه وموجبه؛ كما يُشاهَد ذلك في الأخلاط الغالبة وإحالتها لصالح الأغذية إلى طبعها.

فائدة

ترك الشهوات لله وإن أنجى من عذاب الله وأوجبَ الفوزَ برحمته؛ فذخائر الله وكنوز البر ولذة الأنس والشوق إليه والفرح والابتهاج به لا تَحصُل في قلبٍ فيه غيره وإن كان من أهل العبادة والزهد والعلم؛ فإن الله سبحانه أبى أن يجعل ذخائره في قلبٍ فيه سواه وهمتُه متعلقةٌ بغيره، وإنما يودِع ذخائرَه في قلب يرى الفقر غنى من الله والغنى فقرًا دون الله، والعزَّ ذلًّا دونه والذُلَّ عزًا معه، والنعيمَ عذابًا دونه والعذاب نعيمًا معه.


(١) البيت بلا نسبة في الأمالي الشجرية (ص ١٥١ ط. الرسالة) ونفح الطيب (٦/ ٢٥) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>