للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة

طالبُ النفوذ إلى الله والدار الاخرة -بل وإلى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسًا في ذلك مُقتدىً به فيه- يحتاج أن يكون شجاعًا، مِقدامًا، حاكمًا على وهمه، غيرَ مقهور تحت سلطان تخيُّله، زاهدًا في كل ما سوى مطلوبه، عاشقًا لما توجه إليه، عارفًا بطريق الوصول إليه والطرق القواطع عنه، مِقدامَ الهمة، ثابت الجأش، لا يَثنيِه عن مطلوبه لومُ لائم ولا عذلُ عاذل، كثير السكون، دائم الفكر، غير مائل مع لذة المدح ولا ألم الذم، قائمًا بما يحتاج إليه من أسباب معونته، لا تَستفِزُّه المعارضات، شعارُه الصبر، وراحته التعب، محبًّا لمكارم الأخلاق، حافظًا لوقته، لا يخالط الناس إلا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحبَّ بينهم، قائمًا على نفسه بالرغبة والرهبة، طامعًا في نتائج الاختصاص على بني جنسه، غيرَ مرسلٍ شيئًا من حواسِّه عبثًا، ولا مُسرِّحًا خواطره في مراتب الكون.

ومِلاكُ ذلك هجر العوائد وقطع العلائق الحائلة بينك وبين المطلوب.

وعند العوام أن لزوم الأدب مع الحجاب خير من اطِّراح الأدب مع الكشف.

فائدة

من الذاكرين من يبتدئُ بذكرِ اللسان، وإن كان على غفلة، ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه، فيتواطأ على الذكر. ومنهم من لا يرى ذلك، ولا يبتدئُ على غفلةٍ، بل يسكن حتى يحضر قلبه، فيشرع في الذكر بقلبه؛ فإذا قوي استتبع لسانه، فتواطأ جميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>